
وعلى كل حال؛ فقد جاء تعميم رئيس مجلس الوزراء هذه المرة للوزارات المختصة باستكمال الإجراءات؛ واضحا، شاملا مسمى (العلاوات) و(التسويات)، و(وفقاً لسنوات الخدمة) وهو المعيار الذي تم التلاعب به في المرة السابقة، على نحو شيطاني؛ من أولئك الذين يعيشون داخل الأبراج العاجية، ويستلمون رواتبهم (في الأصل) بالعملات الصعبة، غير شاعرين بما يفعلونه بإخوانهم، ولو أن هذا الإجراء يعتبر الٱن في الحقيقة ترقيعا، إذ أنه ماعاد ينفع على الإطلاق، ذلك أن المطلوب حاليا أصبح يتجاوز هذا بمراحل؛ إلى ضرورة العمل الجاد على إحداث هيكل جديد، موحد، عادل للأجور، يضع في الحسبان أن كل الموظفين يتعاملون مع السوق، ومع أسعاره (الصاروخية) الخانقة، الصاعدة دون قيود؛ والتي لا ترحم ضعيفا ولا جائعا.
بل إن المطلوب الآن كذلك؛ إيجاد قوانين، وهياكل، وأجهزة قادرة على رفع العصا عاليا في أوجه المتلاعبين بالسلع والأسعار، وعملة البلد، ذلك أن أي إصلاح لن يكون نافعا مالم ترفع الدولة عصاها عاليا، وتفرض النظام والقانون، وتوقف عبث الحوثة وأعوانهم باقتصاد ومعيشة المواطنين.
هذا المطلب لايمكن أن يتحقق في الواقع؛ مالم يعد الحوثة إلى جحورهم، ومالم يتم إرغامهم على تسليم الأسلحة، والقبول بالعيش كمواطنين، لا كسادة لكل اليمنيين، كما يريدون هم، وهو ما سيؤدي فيما لو تحقق لهم؛ إلى تحويل اليمنيين جميعا إلى مجرد قطعان من العبيد؛ تحت سياط أدعياء الحق الإلهي في الحكم والتشريع، والتنفيذ.
وبالإجمال؛ فإن هذا الإجراء المتواضع، وإن كان لا يمثل الحل المطلوب، إلا أنه مع ذلك يأتي من باب (الممكن الآن) ولاسيما في غمرة الصراع مع الانقلابيين؛ وليشكل- وفقا لمصدر حكومي- خطوة واقعية (نحو الحل) في إطار توجهات الحكومة لتخفيف الأوضاع المعيشية، والمعاناة التي تقض مضاجع الموظفين، وفي إطار استيعاب المتغيرات التي حدثت في سعر صرف العملة.
ويكفي أن هذا الإجراء، مع ما أقرته الدولة في هذا الإطار، وفي مجراه؛ من المضي في برنامج الإصلاحات، ومكافحة الفساد، وإعادة الاعتبار للوظيفة العامة، وترشيد الانفاق، وتوجيه النفقات الى الأولويات التي تنعكس إيجاباً على حياة ومعيشة المواطنين اليومية؛ ليمدنا بقدر من الأمل بأن القادم سيكون هو الأجمل، وأن ما تقوم به الدولة حاليا من إصلاحات مهمة، وتعزيز للجبهة الداخلية هو الأهم، وأن الانطلاق صوب آفاق النصر على أوهام الانقلابيين؛ لايمكن أن يتحقق (ذلك الانطلاق) من على كثبان متطائرة، تلهو بها الرياح الهوجاء، أو تتلاعب بها العواصف.