توجه الدولة الجاد بقيادة فخامة الدكتور رشاد العليمي، رئيس المجلس الرئاسي، والحكومة برئاسة الدكتور احمد ابن مبارك، رئيس مجلس الوزراء بتحسين الوضع المعيشي لموظفي الدولة، ووحدات الخدمة العامة على المستويين المركزي والمحلي، من خلال صرف العلاوات السنوية، وفقاً لسنوات الخدمة، بالإضافة إلى منحهم كافة التسويات المستحقة؛ يمثل خطوة إيجابية في الحد الأدنى، بعد أن تخلفت هذه الإجراءات عن وقتها أكثر من عشر سنوات، ولاسيما بعد أن عمل خبراء التقزيم القاتل على إخراج ما سموه (علاوات سنوية) قبل بضع سنوات؛ والتي أصروا على ألا تصل إلى مستحقيها إلا على عكاز المثل القائل:(تمخض الجبل فولد فأرا) بل لم يوصلوها حتى جعلوا الجبل (الذي هو جبل) يتمخض صرصورة عفنة. حد أن الموظفين تمنوا أن لم تكن، وأن تلك العفونة المصابة بالسل قد ماتت قبل ولادتها؛ وقبل أن تلفق بهم كأي تهمة معيبة؛ لحقارة ما سيصرف لهم، بمقتضى مابقي لهم من مسمى الراتب، الذي أصيب بالشلل والكساح في دوامة التعويمات التي ضاعت فيها حقوقهم، ومستحقاتهم المشروعة.
وعلى كل حال؛ فقد جاء تعميم رئيس مجلس الوزراء هذه المرة للوزارات المختصة باستكمال الإجراءات؛ واضحا، شاملا مسمى (العلاوات) و(التسويات)، و(وفقاً لسنوات الخدمة) وهو المعيار الذي تم التلاعب به في المرة السابقة، على نحو شيطاني؛ من أولئك الذين يعيشون داخل الأبراج العاجية، ويستلمون رواتبهم (في الأصل) بالعملات الصعبة، غير شاعرين بما يفعلونه بإخوانهم، ولو أن هذا الإجراء يعتبر الٱن في الحقيقة ترقيعا، إذ أنه ماعاد ينفع على الإطلاق، ذلك أن المطلوب حاليا أصبح يتجاوز هذا بمراحل؛ إلى ضرورة العمل الجاد على إحداث هيكل جديد، موحد، عادل للأجور، يضع في الحسبان أن كل الموظفين يتعاملون مع السوق، ومع أسعاره (الصاروخية) الخانقة، الصاعدة دون قيود؛ والتي لا ترحم ضعيفا ولا جائعا.
بل إن المطلوب الآن كذلك؛ إيجاد قوانين، وهياكل، وأجهزة قادرة على رفع العصا عاليا في أوجه المتلاعبين بالسلع والأسعار، وعملة البلد، ذلك أن أي إصلاح لن يكون نافعا مالم ترفع الدولة عصاها عاليا، وتفرض النظام والقانون، وتوقف عبث الحوثة وأعوانهم باقتصاد ومعيشة المواطنين.
هذا المطلب لايمكن أن يتحقق في الواقع؛ مالم يعد الحوثة إلى جحورهم، ومالم يتم إرغامهم على تسليم الأسلحة، والقبول بالعيش كمواطنين، لا كسادة لكل اليمنيين، كما يريدون هم، وهو ما سيؤدي فيما لو تحقق لهم؛ إلى تحويل اليمنيين جميعا إلى مجرد قطعان من العبيد؛ تحت سياط أدعياء الحق الإلهي في الحكم والتشريع، والتنفيذ.
وبالإجمال؛ فإن هذا الإجراء المتواضع، وإن كان لا يمثل الحل المطلوب، إلا أنه مع ذلك يأتي من باب (الممكن الآن) ولاسيما في غمرة الصراع مع الانقلابيين؛ وليشكل- وفقا لمصدر حكومي- خطوة واقعية (نحو الحل) في إطار توجهات الحكومة لتخفيف الأوضاع المعيشية، والمعاناة التي تقض مضاجع الموظفين، وفي إطار استيعاب المتغيرات التي حدثت في سعر صرف العملة.
ويكفي أن هذا الإجراء، مع ما أقرته الدولة في هذا الإطار، وفي مجراه؛ من المضي في برنامج الإصلاحات، ومكافحة الفساد، وإعادة الاعتبار للوظيفة العامة، وترشيد الانفاق، وتوجيه النفقات الى الأولويات التي تنعكس إيجاباً على حياة ومعيشة المواطنين اليومية؛ ليمدنا بقدر من الأمل بأن القادم سيكون هو الأجمل، وأن ما تقوم به الدولة حاليا من إصلاحات مهمة، وتعزيز للجبهة الداخلية هو الأهم، وأن الانطلاق صوب آفاق النصر على أوهام الانقلابيين؛ لايمكن أن يتحقق (ذلك الانطلاق) من على كثبان متطائرة، تلهو بها الرياح الهوجاء، أو تتلاعب بها العواصف.