الأصدقاء والجيران والأقارب وأبناء القبيلة، جميعهم أركان هذا البناء الاجتماعي، الذي يقوم على التعاون والمساندة. بينهم تُزرع المحبة وتُبنى الثقة، فالعِشرة تُعززها المواقف لا الأقوال، والإخلاص فيها عمل لا يُرى إلا عند الشدائد.
الرجل الحقيقي، لا يخون العهد، ولا يتنكر للمعروف، ولا يبيع العِشرة مهما كانت الظروف. كرامته ومروءته لا تسمح له بأن يظهر غير ما يبطن، أو أن يغدر بمن أكرمه. أما الرجل الفسل، فهو من يتقلب حسب مصالحه، ويتلون كالحرباء ليرضي نفسه على حساب الآخرين.
الأصدقاء الصادقون، هم الذين يرفعون الرأس ويستحقون الكرامة والتقدير. هم الذين ترفع لهم الموازين، ويكرم جنابهم، لأنهم أوفياء في قولهم وفعلهم. أما النمامون اهل القلوب السوداء، فلا مكان لهم بين الرجال الحقيقيين، فهم يدمرون الثقة ويفسدون العِشرة.
في الحياة بالقرية أو تجمعات سكنية، العِشرة ليست مجرد تعايش، بل هي رابط إنساني وأخلاقي يُبنى على الاحترام والمشاركة. الجار هو الأخ القريب الذي يلجأ إليه الإنسان وقت الحاجة، ومن يخون العِشرة بين الجيران يُعتبر ناقصا في قيمه وأخلاقه.
الأقارب وأبناء القبيلة يمثلون الامتداد الطبيعي للإنسان، وفيهم تختبر العِشرة بصلة الرحم والتكاتف. هم درع الحماية عند الأزمات، وركن الأمان في الشدائد. وفيهم تظهر صفات الرجال الذين لا يخونون العهد، بل يثبتون وقت الحاجة.
العِشرة هي ميزان الأخلاق، وهي مبدأ لا يحيد عنه إلا من انعدمت فيه المروءة. احرص على صحبة الصادقين، وتمسك بالرجال الذين يثبتون وقت الشدة، فهم زاد العِشرة وذخيرتها. وتذكر أن المواقف تكشف المعادن.