هؤلاء هم ولا أحد غيرهم الذين رغم تقادم السنين واقتراب المنون، وتجاوزهم في دينهم ودنياهم حد المقبول والمعقول مهما تظاهروا بغير ذلك من أفسدوا وأكثروا ففقدوا حتى أن يعذروا استحلوا واستمرؤوا بواكير عيبوهم وفضائح سقطات قدومهم فعز عليهم فراقها والتخلف عنها فأقدموا عليها إقدام المؤمنين المخلصين. غير متهيبين ولا راغبين في التوبة عنها أو تخطيها وتناسيها أو التفكير بعداها. فكانوا أن وجدوا أنفسهم مطالبين ملبين لإرضاء وإشباع شذوذ منزلقاتهم العقلية والأخلاقية والنفسية يشرونها ويعظمون من شأنها في السعي وراء تعقب واقتناص مكامن النواقص والفجوات ينسلون منها وفيها يعلون مراتبها ويعززون مواقعها في جذب وجر من هم أكثر استجابة وخيابة ، وأكثر استعداداً في امتلاك اشد الخصام والعداوة والجرأة في القفز والنط والتظاهر بإقدام وجسارة في وجه كل ما يدعونه نبل أخلاق وشهامة وعقلاً وتعقلاً ورجاحة. ليبقى ارتكاب ما يندى له جبين الأسوياء أكذوبة عندهم ودعاية.
هؤلاء من لم يجدوا أبلغ من التظاهر والتبجح والادعاء للتعرف على الآخرين ، ولا أنفع من عدم الاحترام والكف عن الالتزام، والتلاعب واللعب على التطلعات والآمال والأحلام . لتقدم الصفوف والتربع على الرؤوس والحصول على الأولوية ، والتنصب على الألوية. عسكرية ومدنية دينية وعصبية ومذهبية ، بما يمد في الحصانة، ويعزز المكانة.
هؤلاء هم أنفسهم من يأتون الكذب ويصرون عليه، ومن يمارسون الادعاء وينهمكون فيه ومن يفضلون الالتواء ويراهنون به، لايستفيدون ، ولايتعظون من صروف الوقت والزمن ومتغيراته وأحكامه، يجبرهم وهمهم ، ويفرض عليهم جهلهم وضآلتهم، وسخفهم على النفور والاستكبار والتهور كلما واتتهم فرصة ليعلنوا تراجعهم واستقامتهم . لأنهم يرون في حياة الألفة والمحبة والاعتماد على النفس والعيش بشرف وصدق غربة وضعفاً وامتهاناً، لايرضيهم ولا يليق بهم ولا يلبي إطماعهم ونزواتهم.
هؤلاء من لاتنقصهم الفراسة والذكاء فقط في فرز الناس وتصنيفهم ، واختبارهم ليصبحوا منهم وإليهم يعتمدون عليهم ويركنون إليهم، يمهدون لهم طرق التسلق والبلوغ . يحشدونهم ويحتفظون بهم ولهم بمواقف وأعمال وممارسات لايستطيعون التحرر منها والتراجع عنها يصنعون بهم لأنفسهم القاب التفرد والفروسية والريادة والزعامة، أو المخترعين المكتشفين المنجين من أسقام ( المس والايدز والسرطان وحمى الضنك. والفشل الكلي وحرب يوم القيامة) يتطابقون ويتشابهون رغم التنافر الظاهر بينهم يوحدهم ويجمعهم الزيف والدجل والنهب والبلادة.
هؤلاء هم الذين لم ينحنوا أمام العواصف لأنهم لم يواجهوها بل يفرون من إمامها ويختبئون منتظرين مرورها ليعاودوا الخروج وقد زاد حظهم من اللآمة والخساسة معلنين أنهم هم الفئة الناجية الأحق من غيرها بالفتوى والإمامة والزعامة.