فقد بينت الأيام والمراحل السابق منها والحاضر، فشل وعدم جدوى مساعي الترضيات والتعويضات وخطب ود الأفراد والجماعات في تثبيت وفرض واستعادة مكانة وهيبة ووجود الدولة، وضمان استتباب الأمن والاستقرار والأمان في تلك المناطق وفي غيرها من الجهات والتي أصبح فيها المواطن الراغب في الحياة منزوع الخيارات إلا من ثلاث: إما الارتباط والالتحاق بتلك العصبيات والعصابات وإما الهروب والتشرد بلا ضمانات وإما البقاء والتعرض للإذلال والقهر وشتى أصناف المهانات .
أسلوب لم يوقف أو يقيد أو يحد من أطماع ونوازع تلك الجماعات ، لا لأنه ظل يبقيها خارج دائرة الملاحقة والمساءلة عما اعتادت ارتكابها من جرائم بحقها وبحق غيرها وحسب، بل لأنه أيضاً قد كان سباقاً لمكافأتها على ما اقترفت أيديها من آثام وسفكت من دماء، وهو الأمر الذي جعل منه سبباً رئيسياً في تمادي وتوسع تلك الجماعات والعصبيات المسلحة في الاحتفاظ بحقها في التصدي والتعنت والابتزاز الذي استبان مهدداً وجود وسلامة الدولة نفسها والوقوف عائقاً أمام البدء أو استكمال أية مشاريع حقيقية تستهدف التحول المجتمعي على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية والتعليمية مشكلة بذلك تهديداً لا يقل بل يفوق تهديد وخطر المجاميع الإرهابية المسماة القاعدة والتي يخوض جيشنا اليوم ضدها حرباً ضروساً لاستئصال شرورها حفاظاً على استقرار المجتمع وصوناً لحياة البشر وممتلكاتهم وكرامتهم وحرياتهم وحقناً لدمائهم.
وحتى يعم قولاً وفعلاً الأمن والاستقرار والسكينة ربوع الوطن فلابد على الدولة أن تبدأ جدياً في التخلي عن أسلوب الوساطات والاتفاقات والتسويات مع كل من يحمل السلاح ويمارس القتل ويثير القلاقل ويتسبب في إشعال بؤر التوتر والحروب والتمترس بها وخلفها أياً كان ومن كان ،وانتهاج مبدأ الحساب والعقاب الذي يجب أن يسبقه التزام تلك الجماعات والكيانات المسلحة بالخضوع للنظام والقانون وتسليم أسلحتهم وأخذ كل بجريرته منهم خاصة وأن توجهاً كهذا سيلقى دعماً ومباركة شعبية واسعة على الدولة أن تستند عليه وتغتنمه وتبرهن على مصداقيتها في مواجهة الإرهاب بشتى صوره وأشكاله ووقف ولجم كل من يقف خلفه ويغذيه ويعتمد عليه في تمرير مشاريعه الهمجية الإقصائية والاستبدادية الانحرافية.