ولقد ظلت الوزارات والهيئات والمصالح الرئيسية في صنعاء تحتكر جميع الصلاحيات وتربطها بها ولا تعطي لفروعها بالمحافظات الأخرى أية صلاحيات تذكر للبت في قضايا الناس ومعاملاتهم المختلفة ولذلك فإنك عندما تذهب إلى وزارة من هذه الوزارات كوزارة الخدمة المدنية تجدها أشبه بالسوق الذي يزدحم فيه الناس لقضاء حاجاتهم وجل هؤلاء المراجعين جاؤوا من المحافظات الأخرى التي توجد فيها فروع لهذه الوزارات ولكنها لا تملك البت والحسم في قضايا المراجعين من الموظفين والعاملين في تلك المحافظات في ضوء النظم واللوائح الإدارية ولو على الأقل أن تستقبل المعاملات وتقوم باستيفاء البيانات المطلوبة ومن ثم تقوم بإرسالها عبر مندوب لفرع الوزارة في المحافظة المختصة والذي بدوره يتابع استكمال الإجراءات حولها مع الوزارة. نقول حتى هذا المستوى غير موجود وغير فعال، ولذلك يمكن التساؤل عن وظيفة هذه المكاتب وما الأعمال التي تقوم بها ؟!.
لقد أصبح المواطن اليمني يشعر بخيبة الأمل تجاه المركزية الفاسدة التي أوجدها النظام الاستبدادي الدكتاتوري حتى أنه في الأخير جعل المصالح العليا لليمن بيد رأس النظام الذي يتصرف فيه كيف يشاء دون أن يعترض عليه أحد وذلك كما حدث في تصرفه بميناء المنطقة الحرة بعدن وبيعه الغاز اليمني بأقل من بيعة السارق إلى غير ذلك من المنجزات العملاقة التي حققها لليمن بتصرفاته الفردية ! والتي لا ينكرها إلا أعداء الوطن كما يردد إعلامه الكاذب.
إننا اليوم وفي هذه المرحلة الانتقالية بحاجة عملية إلى التخفيف من غلو هذه المركزية الشديدة التي يصر الفاسدون على بقاء استمرارها لغرض في نفس يعقوب وحتى يشعر المواطن بأنه لا يرى تغييراً حقيقيا على الواقع ولذلك فإن المطلوب الآن واليمن تسير بخطى حثيثة نحو التحول إلى اليمن الفيدرالية الحديثة فإنه لابد ومن الآن التمهيد لهذا الحدث العظيم في حياة الشعب اليمني بالمزيد من إجراءات التغيير نحو الأفضل حتى نصل إلى ذلك اليوم الموعود ، ومن الإجراءات الإيجابية المطلوبة أن تعطى لفروع الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية في المحافظات الصلاحيات المناسبة لأداء المهام التي وجدت من أجلها وفق النظم واللوائح الإدارية وحتى يشعر الناس بالتغيير وان لا يضطروا إلى السفر إلى المركز الذي يكلفهم الكثير من الجهد والمال .. ونحن ندرك أنه عند قيام الوحدة تقرر أن تمثل فروع الوزرات بعدن بدرجة وكيل وزارة حيث تم العمل بذلك فترة من الوقت ثم فقدت عدن الكثير من الأهمية والعناية التي تستحقها وبصورة متعمدة ومع ذلك فإنها ستظل كالعنقاء التي تنبعث من تحت الرماد.