ما أحوجنا اليوم إذا سمحت لنا الظروف بحملة ثقافية توعوية لكي نذكر الأحفاد أو الأشقاء العرب بتاريخ أجدادهم اليمنيين ونظهر لهم صلة الرحم , ولا نبتغي إلا الثواب والأجر من الله . . وكما يقولون في هذا الزمان نريد الحق الأدبي والاعتراف به لنا كأجداد من الأحفاد ليس إلا .
الحكيم العربي طيب الذكر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمة الله عليه عندما زار مارب وافتتح المرحلة الأولى من إعادة سد مارب تنهد وفاضت عيناه بالدموع قائلاً : ما أعظمك يا أرض الآباء والأجداد وكان رحمة الله عليه ثاني زعيم عربي يزور عدن بعد الرئيس الصومالي محمد سياد بري وقد طلب رحمة الله عليه من الرئيس سالم ربيع علي ( سالمين ) أن يصلي الجمعة مع الناس واختار له الرئيس سالمين مسجد النور بالشيخ عثمان, وقد انبهر رحمة الله عليه من ذلك الحب العفوي بين المواطنين ورئيسهم وله كضيف كبير وأخ عزيز , وقبل مغادرته عدن اعتمد بناء مدينة سكنية حديثة في الشيخ عثمان ثم تقلصت إلى حي سكني يحمل اسم عبدالعزيز عبدالولي وكان يفترض أن يحمل أسم المرحوم زايد بن سلطان آل نهيان من باب الوفاء ورد الجميل, لكن الزيغ السياسي في مطلع ثمانينات القرن الماضي كان هو السائد . . هذا الزيغ السياسي ظل يقود أصحابه إلى ممارسة الازدراء بهدف التشكيك في قدرة الرئيس عبدربه منصور هادي على قيادة زمام الحكم في البلاد , وظلوا في الداخل والخارج يوزعون ويتبادلون النكات وتحمل الرئيس هادي المسؤولية بشجاعة واقتدار وبصبر ورباطة جأش أذهلت كل المراقبين بعد أن حقق النجاح تلو النجاح بل وأقنع العالم أن يختاره رئيساً وزعيماً وقائداً لأول مرة في التاريخ .
وعندما سقطت مرحلة الزيغ السياسي والمراهقة السياسية والازدراء وجاءت رياح التغيير الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي من أجل مصلحة اليمن واليمنيين , بدأت أوراق أبطال تلك المرحلة تتساقط كأوراق الخريف وانهارت كل المؤامرات التي كانت تعد هنا وهناك بعدما كشفت تلك المؤامرات والدسائس عن عورتها وباتت مفضوحة لا تستطيع أن تستمر ولم يعد لها اليوم مكاناً في يمن العزة والشموخ لأن أبطالها أساؤوا معنى المسؤولية واختلطت عليهم المفاهيم وكأنهم ما زالوا يعيشون زمن الشمولية والتأميم والصوت الواحد الذي لا يعلو عليه صوت وأعوذ بالله من شر الوسواس الخناس يخيل لهم أنهم وحدهم على الصواب وأما غيرهم فمخطئون متناسين إن العالم وميازين القوى قد تغيرت ولم يعد للصوت الواحد والرأي الواحد والفرد الواحد قبول في مفاهيم السياسة والسلطة والحكم في عصر السرعة والمتغيرات , عصر الديمقراطية والسلم والتعايش الاجتماعي . . يريدون أن يعيدوا عجلة الحاضر والمستقبل عقوداً وقروناً إلى الوراء لم تكن لديهم قدرة على إثبات الذات بين الجماعة مسترشدين بالأفكار المستوردة التي تكرس الفردية والشمولية والصوت الواحد والتنظيم الواحد في زمن غير زمنها . . هناك من لم يستطع قراءة الواقع قراءة صحيحة فيظل في هذيانه وغيبوبته حتى يضيع الفرصة تلو الأخرى ثم يعض على أصابعه ندماً بعد فوات الأوان ولم يدرك إن الفرصة لا تطرق باب المرء مرتين ولم يتعظ أصحاب مبدأ ( حبتي وإلا الديك ) من الماضي لتصحيح الحاضر والمستقبل والاستفادة من الدروس والعبر لإحداث التغيير المطلوب وفق متغيرات العصر وهاهو قطار الحاضر والمستقبل قد انطلق ولم يعد بوسع المعرقلين وأعداء اليمن الجديد اللحاق به أو أيقاف حركته قبل أن يصل محطته الآمنة , وحتى المعلومات تفيد أن البيض طلب من يوسف بن علوي وساطته لدى السلطان قابوس باستضافته مرة أخرى في عمان ليكرر مرة أخرى اعتزاله للعمل السياسي بعد أن فشل في المشاركة بجدية إلى جانب أطياف ومكونات وشرائح المجتمع اليمني وفق متغيرات الساحتين الإقليمية والدولية ولم يخذل شعب الجنوب الذي شارك بفعالية في مؤتمر الحوار حتى خرجت قضيته إلى بر الأمان والمشاركة إلى جانب كل اليمنيين في صنع اليمن الاتحادي الذي يتسع للجميع في ظل قيادة الرمز البار لليمن ومؤسس الدولة الاتحادية اليمنية القائد والمناضل الصلب عبدربه منصور هادي الجنوبي المنشأ واليماني الأصل والسلالة ولنا الفخر كيمانيين لأن اليمن مهد الحضارة والتاريخ وأصل العروبة ومن ليس يمني فإنه ليس بعربي , ورغم ذلك أثبت الرئيس هادي أنه الأمين المؤتمن والقائد الشجاع وأنه الإنسان المتسامح والصبور والقلب الواسع الذي تعامل مع الجميع بصدر رحب على أساس وثيقة الحوار الوطني التي أجمع عليها الشعب اليمني .
لقد حفظ الله الرئيس هادي وحرسه بعينه التي لا تنام وأفشل عدة محاولات لاغتياله فسبحان الله ما أعظمك وما أعدلك جل شأنك , وستظل اليمن عزيزة وكريمة وأصيلة وقوية , حتى وإن ظهرت هناك حالات شاذة لا يعكس سلوكها طبيعة اليمن وأهله وشعبه وتلك الحالات مصيرها الزوال وهذا العبث بحياة المواطنين وبأمن الوطن سيختفي بإذن الله قريباً . . نحن اليوم وفي ظل زعامة الرئيس هادي ومخرجات الحوار الوطني ننشد بناء اليمن الجديد الذي بشر به فخامة الرئيس هادي في حملته الانتخابية. ونأمل من الشعب اليمني بكافة أطيافه ومكوناته وقواه السياسية ونخبه المثقفة الوقوف في صف الأخ الرئيس من أجل بناء اليمن الاتحادي الجديد الذي يحظى بدعم عربي إقليمي ودولي ويرسم الأساس القوي والمتين للدولة الحديثة التي سيعلو رأسها عالياً بين الأمم . . إنها اليمن الموحد , الاتحادي , والقلب النابض لجسد أمتنا العربية والإسلامية الواحد , إنها الملاذ الآمن للجميع، إذا جاءتكم الفتن عليكم باليمن بما معناه ذلك .
ونأمل من دول الخليج العربي وهم الأشقاء الذين أثبتوا في كل المحن وقوفهم إلى صف اليمن أرضاً وشعباً كما عهدناهم , فهم خير من يتمسكون بأواصر القربى والأخوة في العروبة , كما نتمنى من السياسيين في الخارج والداخل أن يخدموا اليمن الجديد من داخله , حيث أن الفرصة مواتية لذلك والرئيس هادي حريص على الوقوف على مسافة واحدة من الجميع قاصداً من ذلك خدمة اليمن الجديد . . اليمن الاتحادي وفقاً لمخرجات الحوار الوطني الشامل والدعم الدولي والإقليمي الذي نتمنى له الآخر أن يستمر حتى تخرج اليمن الاتحادية الجديدة من ربقة الماضي الأليم .
اليمن حق إنساني وتاريخي وصاحبة الامتياز العروبي الأول كأصل للعرب جميعاً وحقها في الكيان البشري الأول . فلا تجحدوا عليها ولا تتكبروا عليها ولا تمنوا عليها , واسترشدوا بالأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أهمها ( أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية) وقيل أيضاً (والفقه يماني ) وكذلك (إني لأجد نفس الرحمن من اليمن ) ..... إلخ.