إذن فجنوب ما بعد الحوار ليس كقبله، إذ مثلت وثيقة المخرجات شهادة ميلاد لجنوب جديد، تكون مدينتا عدن والمكلا هما محور الجنوب، كعاصمتين للإقليمين الجنوبيين، المقرة مؤخراً، لابد ونحن نبشر بجنوب ما بعد الحوار أن نتيح الفرصة لأي مخالف للتعبير بطريقة سلمية ديمقراطية، مع تساؤلي الدائم .. كيف لمن لم يشارك في الحوار أصلاً أن يرفض مخرجاته؟، ومع ذلك فيجب أن تتاح الفرصة لمعارضي الحوار مع التشديد على ضرورة تمسكهم بالسلمية بعيداً عن البنادق و ثقافة العنف، و التي برأيي أراها أخطر معوقات الانتقال إلى الجنوب الجديد، و كنستها ثورات الربيع العربي، و أثبتت أن السلمية أقوى من الرصاص.
نحن على أعتاب جنوب يتخلق، و ترسم ملامحه الشراكة و العدالة و تكافؤ الفرص، ورد الحقوق و جبر الضرر، وتمكين أبناء المناطق من حقهم في إدارة شئونهم،
إننا في الجنوب وقعنا خلال فترات زمنية سابقة ضحية، لإعلام موجه يبث الشائعات و الأكاذيب، واستحال الإعلام خلالها من وسيلة للارتقاء بوعي الناس، إلى أداة هدم و تدمير للوعي، ووسيلة للاستغباء الجماهيري، وتسطيح العقول وقلب المفاهيم، كل ذلك يضاعف من مهمة توصيل المخرجات إلى طبقات الشعب في الجنوب، لكنها قطعاً ليست مستحيلة، فقط علينا أن نتسلح بالشجاعة و الإيمان بقدرتنا في صنع المستقبل.
ويقع على أعضاء مؤتمر الحوار من أبناء الجنوب مسؤولية توعية الناس و الدفاع عن تلك المخرجات بصفتهم أحد صانعيها، والخروج من السلبية المطبقة، من خلال تبسيطها لكل شرائح المجتمع حتى يكونوا رافداً و داعماً في تنفيذها، ولا يقعوا فريسة للتضليل وتزييف الوعي.
كما أن على وسائل الإعلام و منظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية، أن يكونوا سفراء للحوار في مناطقهم و عرض مفرداتها لكل الناس، و مزجها بروح التفاؤل بغدٍ أفضل، نتناسى فيه مآسي الماضي.
أجزم أننا قد وضعنا أقدامنا على طريق المستقبل، ولاشك بأنه ليس مفروشاً بالورود، و العقبات التي تعترض بناء الدولة الجديدة ليست بالهينة، لكنها أيضاً بمقدورنا تحويلها لأهداف وترجمتها لمشاريع وخطط عمل، تتغير خلالها الأساليب وتتجدد العقول، فالعقول التي لا تتغير لا تستطيع تغيير واقعها، و الانخراط جميعاً في التقاط اللحظة التاريخية التي طالما حلم بها اليمنيون، وشاء الله أن تكون بريادة جنوبية بدءاً وانتهاءً.
لن نضيف أكثر مما قيل في وثيقة المخرجات، ولكن تعزيزها بالجهد والعرق، ورفدها بالعمل الشاق، والانتقال بها من التنظير الورقي إلى واقع معاش هو المحك الحقيقي، وهو أيضاً ما يراهن عليه أعداء التغيير.