كان البسطاء من اليمنيين يرون في المهندس فيصل بن شملان رحمه الله، مشروع وطن بات من الممكن تجسيده شمالاً وجنوباً، فيما كان هو يردد مقولته الشهيرة «إن عجلة التغيير استدارت ولن يوقفها أحد»، أقوى سلاح استخدمه بن شملان هو إذكاء القدرة و الثقة في النفوس في امكانية التغيير، ملامساً بذلك الأمل الذي لولاه لما امتلك الجسارة في الوقوف في وجه المستبدين.
و حده شملان تنبأ ضمن قلائل بخطورة الانحناء لطاغية و الاعتراف بالواقع لحاكم، درج على تزوير إرادة الناخبين مرات عديدة، مراهناً على عقلانية المعارضة في الاعتراف بالأمر الواقع، وحده من رفض الاعتراف بنتائج انتخابات مزورة، واصفاً الحكم بالمغتصب، كان يستطيع تمرير الاعترا فو المبررات كثيرة في عهد المستبد «صالح»، لكنه احترم إرادة الملايين ممن منحه صوته، فرفض حتى التهنئة، وهو موقف أضمره «صالح» وظهر عند موته رحمه الله إذ رفض التعزية، في موقف مقرف يدل على سوءة كبيرة كشفها بن شملان.
كل من عرف بن شملان أسرته بساطة الرجل، رغم عمق نظرته في تحليل مجريات الأمور، كان لسان حالهم «شملان واحد منا»، فكان أحد أبرز رموز اليمن اصطفت خلفه كل القوى السياسية في دعم مشروعه الوطني الكبير، لمواجهة مشروع التوريث.
كم نتذكر قيادته لحملته الانتخابية بكل جسارة واقتدار، كأسد هصور يدافع عن عرينه و يواجه خصوماً لا يتسمون بأدنى درجات النزاهة و الجدارة، لقد واجه شملان خصمه المستبد بمعركة أخلاقية وقيمية جعلت اليمنيين يجمعون على تتويجه رمزاً وطنياً قل نظيره.
نفتقد اليوم ونحن في مرحلة حساسة من تاريخ اليمن رجلاً بحجم فيصل بن شملان، للمساهمة في التحول للدولة المدنية الحديثة، لقد رسم بن شملان ملامح مستقبل اليمن الجديد بخطواته الواثقة نحو التغيير المنشود.
غادرنا بن شملان و اليمن بحاجة إلى رشده الذي بحث عنه في آخر مقالة كتبها بعنوان «أما آن لليمن أن يرشد».