عدن مدرسة ومنارة الاشعاع الثقافي والحضاري والقيم والاخلاقيات الإنسانية منذ اطلالة الحياة البشرية وتطوراتها على مر العصور فهي المدينة المدنية التي احتضنت مختلف الثقافات والحضارات والديانات السماوية والعيش المشترك بين عناصر التكوين الاجتماعي ومنذ زمن بعيد عرفت عدن بمينائها العالمي لموقعه المهم والاستراتيجي الذي يقع على طريق التجارة والملاحة والدولية ويربط بين القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا وكان ثاني ميناء على مستوى العالم.
ومما يلاحظ اليوم ان هناك حملة شرسة باتجاه تعطيل نشاط ميناء عدن الذي استعاد نشاطه وحيويته بعد استعادته إلى الحاضنة الوطنية اليمنية وهو الأمر الذي لم يعجب البعض من اصحاب نفوذ القوة التي خسرت مصالحها الخاصة حيث بدأ البعض بالحديث والتصريحات والتشكيك بالاتفاقية الموقعة مع الأصدقاء الصينيين بشأن تعميق وتوسيع وتطوير ميناء عدن للحاويات وهي احاديث تحمل في طياتها الكثير من المعاني والدلالات التي تخفي ما تخفيه من سوء النوايا لقائلها وتعبر بما لا يدع مجالاً للشك عن اجندات ومنهجية القوى النافذة التي لا تريد لعدن عموماً والميناء خصوصاً أي تطوير وتحسين وانطلاق صوب الآفاق المستقبلية التي تستعيد المجد التاريخي لعدن الميناء والموقع الاستراتيجي لميناء عدن على طريق النشاط التجاري والملاحي الدولي حيث ان الاتفاقية المشار إليها جاءت بعد استعادة ميناء عدن للحاويات بعد رحلة عذاب عاشها الميناء في ظل صفقة فساد سلمت الميناء لشركة موانئ دبي العالمية التي اساءت استخدام حقها في عملية تشغيل الميناء.
ان الجهد المشكور لوزارة النقل توج بانتزاع الميناء من فم الأسد والعمل على تصحيح أوضاعه والبحث عن إمكانية تطويره وتحديث آلية العمل فيه لمواكبة الاحتياجات والمتطلبات الضرورية للميناء منها عملية التعميق والتوسيع الذي اصبح ضرورة مهمة ليواكب تطورات منظومة نشاط النقل البحري التي تشهدها حركة النشاط الدولي لاستقبال سفن النقل العملاقة حيث انه ما لم تتم هذه الاجراءات والتنفيذ السريع لها فإن الميناء سيفقد أهميته ومكانته الريادية الدولية وهذه الأهمية لا يدركها إلا المختصون وذوو الاهتمامات بالأنشطة الاقتصادية الاستراتيجية والحاجات الضرورية لما تشهده الحركة الكونية من تطورات وحداثة وعولمة اقتصادية وتكنولوجية وخدمات تستوعب كل ذلك وتعمل على ما يمكنها من الاندماج الواعي مع هذه التطورات من أجل عدن وواجهتها المشرقة الميناء الأمل لحاضر ومستقبل الحياة الآمنة والمدنية والتنمية الاقتصادية.
وانطلاقاً من ذلك يمكن ان نقول اننا امام قرينة واضحة تدل على من يقف خلف التحريض لوقف النشاط في الميناء باضراب العاملين خصوصاً واننا امام أصوات نشاز وظواهر إعلامية ممنهجة تستهدف تعطيل الميناء وعرقلة النشاط الذي تقوم به وزارة النقل ومؤسسة موانئ خليج عدن من خلال عرقلة تنفيذ الاتفاق الموقع مع الأصدقاء الصينيين وقرارات حكومة الوفاق ووصفها بالقرارات العشوائية انطلاقاً من اظهار الحرص على المنطقة الحرة المسكوت عنها التي تم الاستيلاء والبسط عليها من تلك القوى النافذة ذاتها.
علماً بأن رئيس المنطقة الحرة الدكتور الشعيبي غادر الوطن وعاش في الخارج لاكثر من عامين في الوقت الذي كان واجب المسؤولية الوطنية يستوجب عليه التواجد والبقاء على أرض المنطقة الحرة للدفاع والحفاظ عليها.
إن الأراضي التي تعتبر في اطار محيط الميناء هي من أجل عملية توسيع وتطوير نشاط الميناء المستقبلي إلا انه تم التصرف بها من أجل مشاريع عقارية سكنية في ظل أن هذه المواقع تقع في نطاق القطاعات الصناعية والمشاريع التخزينية والاحتياجات الضرورية للأنشطة المستقبلية لميناء عدن والأنشطة الحقيقية الاخرى للمنطقة الحرة وهو الامر المخالف للقانون الذي حدد الأراضي بمواقع جغرافية تخصص لاقامة نوع من المشاريع الاقتصادية لكل موقع جغرافي فهل المواقع الجغرافية حول الميناء هي لبناء مشاريع عقارية سكنية تستدعي البعض إلى التحريض لتعطيل نشاط ميناء عدن وهذه الهجمة الاعلامية الشرسة ما هي إلا بدواعي الدفاع عن المصالح الخاصة الانانية الطبقية لذوي النفوذ وكما يبدو ان قوى النفوذ والسمسرة والفساد هي السائدة ودفعت البعض للدفاع عن ما يثبت حق نفوذ القوة وهذا ليس مقبولاً ولا يمكن السماح به ولهذا كانت قرارات مجلس الوزراء صائبة وجاءت لتعيد الحق إلى نصابه الصحيح والقانوني والمياه إلى مجاريها من اجل مكانة عدن ومجدها التاريخي ومينائها الهام وموقعها الاستراتيجي على طريق استعادة نشاطها التجاري والملاحي الدولي الذي عرفت به منذ القدم ولهذا عدن هي الميناء والميناء هو عدن.