فزيارة وزير الدفاع إلى أي دولة خارج موسكو لا يقررها ويوافق عليها سوى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهذه الزيارة هى واحدة من المرات القليلة في أجندة شويجو للخارج، فهذا المنصب رفيع المستوى في روسيا، لا يغادر صاحبه إلى خارج البلاد كثيرا إلا «للضرورة والأهمية القصوى»، ووفق خطة مدروسة ومحددة الأهداف والأغراض بدقة وعناية، وخاصة إذا كان وزير الدفاع في روسيا الآن سيرجي شويجو، الرجل القوي الثاني في روسيا بعد بوتين، وينظر إليه غالبية الروس على أنه الرئيس القادم إلى الكرملين بدعم وترشيح من بوتين الذى وجد فيه ضالته ليخلفه في رئاسة روسيا، بعد أن عينه وزيرا للدفاع في نوفمبر من العام الماضى، عقب إقالة الوزير السابق أناتولي سيرديوكوف. وكان يشغل وزير الطوارئ والدفاع المدني ثم محافظ مقاطعة موسكو، وهو عسكري محترف. وحسب آخر استطلاع رأي في روسيا، أختير كأفضل وزير في الحكومة وجاء بعده لافروف وزير الخارجية. الفريق أول شويجو - 58 عاما - بين الشخصيات السياسية الأكثر شعبية في روسيا بعد رئيس الدولة فلاديمير بوتين، ورئيس الحكومة دميتري ميدفيديف. إذن المعنى واضح تماما من الزيارة إلى مصر، فلم يسبق أن قام وفد روسي بهذا المستوى بزيارة إلى القاهرة، ولم يسبق أن أجرى وزراء خارجية ودفاع روسيا ومصر محادثات مشتركة، فصيغة (2 + 2 )، عادة ما تجريها روسيا فقط مع كبريات دول العالم مثل الصين وألمانيا وفرنسا وأمريكا واليابان.
ليس هناك أكثر من ذلك للتدليل على الأهمية البالغة لزيارة الصديق الروسي القديم إلى مصر، وعودة العلاقات الثنائية إلى طبيعتها مرة أخرى واستعادة بريقها وزهوتها من جديد، كما كانت في الخمسينيات والستينيات. ومهما قيل عن التوازن في العلاقات الدولية بين القوى الكبرى، فإن مصر لا تحتمل موسكو وواشنطن معا. فالاتجاه شرقا ربما يكون الخيار الاستراتيجي القادم، خاصة أن هناك ضرورة وحاجة إلى صديق آخر له تجربة إيجابية قدم فيها الكثير، ومازال لديه الكثير أيضا ليقدمه على أرضية المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة.