ولوعة الثورة ، ووجع الانتماء لمربع الساحات إلى مكان خطوات تلك الدماء
إلى الحائط المسكون ببقايا صورهم إلى الجدران المحشوة برائحة أخوتكم إلى
الشوارع الخافقة بحريتهم ، تلك النجوم الثورية بين شهيد ومعتقل ومخفٍيء
قسرا ، الموت له مذاق آخر . انا وانت نقيضان مندمجان، انت تسعى لسحبي
نحو الحوار وانا احاول البقاء بعيدا عن ذلك الحوار.. هكذا نطق الشباب
يومها هكذا سمعت بعض الشباب المحاورين يقول : لا للحوار لا للحوار مع
القتلة ومبادرتكم لا تعنينا بشيء، نحن الشباب وقفنا نبكي تفجرت الدموع في
مساحات الزمن لتملأ المحيطات ، تهاوينا نحو بؤرة العجز القاتل.. يومها
ادركنا القسوة والغلظة التي جاءت لنا بها المبادرة الخليجية لتضع ثورتنا
في أزمة ، لحظات الصراع المر فيما بيننا كفرقاء سياسيين وشباب احرار ثوار.
يومها كنتم تقفون بكل ما فيكم من قوة وكأنكم غضب البراكين والزلزال
وبلحظة، لحظة لا تكاد تذكر في حساب الزمن سُحبتم الى طاولة الحوارنحو
بؤرة العجز القاتل المستبد ، بحثنا عنكم هنا يوم الذكرى الثانية لجمعة
الكرامة لتلتقطوا صورة لتلك الطفلة التي فقدت والدها يوم الكرامة فلازلت
اتذكر ذلك اليوم عندما صرخت عتاب “ قتل بابا “ وصراخها اليوم عتاب..
محفورة في الذاكرة تلك الزيارة التي زرت فيها “عتاب” بعد جمعة الكرامة في
بيت جدها عندما حاولت اخفاء دموعها بكبرياء لكنها بلهجة كسيرة لا تستطيع
دفن شعورها قائلة: “مامعيش أب...”.. توقعت وجودكم في الذكرى الثانية
بينهم لتقولوا للعالم اجمع إن دماءهم لن تضيع يا “عتاب”.. تمنيتك في رؤيا
عتاب فقد قالت لي يومها في تلك الزيارة: رأيت بابا في المنام واعطاني
النقود والتقط لي صورا بتلفونه وبعد ذلك أخذني لمقر عمله واشترى لي هدية،
تمنيت في الذكرى الثانية منكم ايها الشباب ان تكونوا بعيدا عن المبادرة
السياسية لتكونوا في مبادرة الإنسانية لتقدموا لعتاب المنيعي ولصبا
الحمزة ولفرح الفرحة بالقصاص من القاتل ، وتطلبوا أن لا تحاور بوجود
القتلة وتشكلوا أداة ضغط تغير ملامح التاريخ لتكونوا المعارضة لسلطة الحوار لتملؤوا عليهم يومهم الكئيب الذي مر بألف سنة، ليتكم كنتم معهم
ايها المتحاورون يومها وجعلتم حواركم بيوم يشبهكم لا بيوم الطهر والنقاء...
ما الذي جعل بعض الشباب يصف على صفحته بقوله: كان يوماً مؤلماً جداً وكل
لحظة تمر ونحن نتذكر شهداءنا كانت كلماتك رائعة وانتم تذكرون شهداء
الكرامة لكنكم سرعان ما خلقتم بداخلي الف سؤال بقولكم: “كانت الكلمات
رائعة التي ذكرت شهداء الكرامة الذين كانوا سبب وصول المتحاورين إلى
طاولة الحوار”، ألم تدركوا حينها بان الحوار كان خيارا قبل الدماء وأنهم
لم يقدموا أرواحهم لتصلوا إلى طاولة الحوار، هل سمعتم يوماً شهداء
الكرامة يهتفون في الساحات مطالبين بالحوار!!! لتفتخروا اليوم بكلمات
رائعة حد قولكم الذي تعتقدون أنكم اسقطتم به واجبكم ! ... ونسيتم العهد
والأهداف وذهبتم الى طاولة الحوار بينما زملاؤكم لازالوا بالسجون في
الاعتقال!، فكيف بحوار وهناك الف سؤال ولتعلموا بأنها رسالة محبة قبل ان
يكون فيها العتاب ولتعلموا بأنكم المرآة لنا كشباب فلا تخذلونا... ما مر، مر وانتم بالحوار وما نطلبه منكم أن تكونوا انتم الضمير في الحوار !.