وهكذا بتدشين مؤتمر الحوار الوطني الشامل يكون اليمنيون قد دخلوا فترة تاريخية غير مسبوقة في طبيعة مهامها وواجباتها، التي تقع مسؤولية انجاز واجباتها على المشاركين في هذا المؤتمر الذين هم يمثلون المجتمع اليمني بكل فئاته وتياراته واتجاهاته والوان اطيافه السياسية والحزبية والمجتمعية، وهذا يتطلب منهم جميعاً التخلي عن انانية المصالح الضيقة والمشاريع الصغيرة والنزعات المناطقية والقبلية والطائفية والمذهبية والايديولوجيات المتطرفة، وكلها لم يجد منها شعبنا سوى الصراعات والحروب والدمار والخراب والازمات، الناتجة عن الفساد والظلم والاقصاء والتهميش، وكل ذلك اضاع واهدر الكثير من فرص بناء الدولة المدنية التي طالما تطلع اليمنيون الى انشائها طوال تاريخهم المعاصر، والحوار يمنحهم فرصة جديدة واخيرة لتحقيق هذه الغاية وعلى المتحاورين الحرص على عدم تضييعها من خلال ادراك مسؤولياتهم الوطنية التي تستدعي فهماً عميقاً لتعقيدات التحديات والمخاطر التي يجابهها اليمن، وهذا يفترض استعداد المشاركين في مؤتمر الحوار لتقديم التنازلات بغية الوصول الى قواسم مشتركة، حول القضايا الاساسية والرئيسية وحلها اعتماداً على وعي منبثق من رؤى وتصورات تلم بمضامينها وتحيط بابعادها، وهذا لا تحققه الا قناعة راسخة بضرورة القبول بالآخر والتعاطي معه بعقليات منفتحة تسعى الى التوافق والاتفاق في تلك القضايا التي تمكننا من وضع مسارات الحوار باتجاه الوصول الى طريق بناء دولة مدنية ديمقراطية مؤسسية عادلة، تحقق تطلعات اليمنيين بالحكم الرشيد الذي لا يوجد فيه ظالم او مظلوم، فالجميع متساوون في الحقوق والواجبات، يحتكمون دون استثناء للنظام والقانون، الذي يجعل من النظام السياسي تعبيراً حقيقياً عن ارادة اليمنيين في قيام دولة المواطن ودولة اهل الحل والعقد او عصابة من المتنفذين الذين هم جميعاً اوصلونا الى ما وصلنا اليه، ومن هنا فان على المتحاورين ان يعكسوا تطلعات الشعب في غد مشرق ينعم فيه اليمنيون بالحرية والكرامة والامن والامان والعيش الكريم.
مدير أمن محافظة أبين