لذلك لا يلزم أن نضيق ذرعاً من ذلك كله أو نتأثر سلبياً.. أو نقابل مثل تلك المواقف بالجفاء أو الاستنكار فضلاً عن أن نسير على منوالهم الأعوج..
علينا أن نعتصم بالصبر.. وأن نتسلح بالحكمة وأن نحرص على محاورتهم وأن نتمسك في ذلك بما يمليه العقل وتتطلبه الحكمة.. وأن نتمسك بالصدق معهم، لأن الصدق وحده هو الذي يفل الحديد.. ويلين العقول الحديدية إذا صح التعبير!!.. وما أسهل على الإنسان الصادق أن يبرهن على الحقائق.. وأن يرشد إلى الصواب ويبني الوعي الصحيح بالمصلحة المشتركة والانتصار للقضية العامة!!
وعلى المائدة المستديرة والمنفتحة فإن جميع الأفكار المتطرفة والمغالية والأصوات الناشزة والعالية سوف تأخذ موضعها اللائق بها في الذوبان والاختفاء.. أو التراجع بتداع حميم أمام بيان الحُجة ونصاعة الدليل وعدم التهور والتصادم.. لتنتظم كل الأفكار والآراء في نوتة الحوار، بل ولتتحول إلى أنغام متناسقة ضمن السيمفونية الحوارية الوطنية التي سوف تؤلفها الحكمة والعقلانية والمصلحة العليا للبلاد.
كما أن تلك الأصوات الصاخبة سوف يهذبها المكان المرتفع عالياً على منبر الشفافية.. والمشهر أمام أنظار العالم الذي سوف يكون - شئنا أو أبينا - المشاهد والشاهد.. وقد صار العالم - عربياً ودولياً - أشد ما يكون حرصاً على نجاح التسوية السياسية والتجربة الوفاقية أو التوافقية القائمة في بلادنا.
ولا شك بأن صوت المصلحة الوطنية العليا سوف يعلو فوق كل المصالح وسوف يتنافس من أجل ذلك الجميع: الرجال والنساء والشباب والشابات مع وضع الاعتبار الكامل لكل الصفات الوطنية الرسمية والشعبية التي يمتلكونها ويتحلون بها!!
وكل ذلك من أجل تجديد صياغة المشروع الحضاري اليمني الجديد الذي قام على ركيزتي الوحدة والديمقراطية!!
وإذا كانت الحضارة وليدة الحوار.. وبقي وسوف يستمر الحوار كجوهر للبنية الأساسية في كل حضارة إنسانية «وفي مقدمتها حضارة الشورى السبئية» فإن مؤتمر الحوار الوطني الشامل في بلادنا يمتلك الصلات الوثيقة بذلك كله!! ولا غرو!! وخاصة إذا ما توفرت الثقة بين كافة المتحاورين منذ بداية المؤتمر.. وحرص الجميع على بنائها على القاعدة الراسخة للأخوة الوطنية والإيمانية وعملوا صادقين ومخلصين على تعزيز روح المحبة والألفة والتفاهم لتكون الثمرة الأولى في شجرة النجاح المباركة للمؤتمر واللبنة العملية المطلوبة اليوم حتماً لتوضع في مكانها العزيز في بنية المجتمع التعددي القائم على حصانة وقوة الوحدة الوطنية العقيدية والأصالة الذاتية التاريخية التي يجمعها الكيان الواحد قبل الجغرافيا والعوامل والأسباب الفكرية والثقافية والاجتماعية الأخرى ولينطلق النقاش الفكري بكل مستوياته وقضاياه بين كافة الأطراف المتحاورة لتعزيز تلكم الروح الوطنية التي منبعها الإيمان والحكمة وأن الذي يجعلنا نؤمن ونثق بقدرة من يتحملون مسؤولية إنجاح الحوار الوطني في الوصول إلى ذلك ليرتبط جوهرياً بإملاء الحقائق العقيدية والوطنية التي تجمع من أمد طويل بين كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية كرصيد كاف لأن تتواصل به حركة الحوار والتفاعل بصورة يقينية لا لبس ولا شك فيها بمشاركة كافة الأطراف الأخرى وكجسر في الطريق المشترك نحو مستقبل يتسع لكل أبناء الشعب وفي المقدمة منهم التنظيمات السياسية والتكوينات المجتمعية كلها بفعلها واقتدارها في أن تكون نهراً في خضم الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية الخ.. وذلك في النهاية هو اقتدار الشعب اليمني كله وبأطيافه الوطنية الزاهية!!
يزرعون الأمل
في انثيال الضياء الذي في العقول
ونقاء المحبة في الأفئدة
وعلى شرفة في ذرى الاحتمال
يلتقي الذاهبون إلى فسحة للحوار
يحرثون الحقول التي أجدبت بالصراع
يزرعون الأمل
في الربوع التي حصنت ذاتها بالوفاق
بعد ضيق مميت بعقر الضياع
كاد يدمي النهار!!