لهذا كان 21 فبراير 2012م، يوم فرح على كل الاطراف المتصارعة، والأكثر فرحاً بطبيعة الحال هم المواطنون -البسطاء- الذين لم يكن لهم نصيب من الازمة سوى الاحتراق بنيرانها... لذا كان كانت الانتخابات الرئاسية المبكرة مخرجاً مشرفاً لليمنيين، وهو ما نادت به القيادة السياسية وقتها، وكان رأياً صائباً، كونه جنبنا الصراع على كرسي الرئاسة، الذي كان هم الجميع الظفر به.
لو لم تقم الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تسلم بموجبها الاخ عبد ربه منصور هادي - من سلفه السابق- مقاليد الحكم، بتصويت شعبي كبير، وبتأييد دولي منقطع النضير.. لما استقر الحال بأي رئيس كان، وكان مصيره لا محالة اشبه بعمر سليمان، وعندها لم تكن اليمن لتشهد أي استقرار سياسي، لهذا سعد اليمنيون بأن سخّر لهم المولى عزّ وجل المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة، وجعل المجتمع الدولي ملتفاً حولها أكثر من التفاف اليمنيين أنفسهم، حرصاً منهم على عدم انجرار اليمن لحرب لن تستقر اثارها في اليمن، بل سيصل مداها للمحيطين الاقليمي والدولي.
لأنه لم يكن بمقدور أي طرف من الاطراف ترجيح كفته، والانفراد بما شاء، كان يوم 21 فبراير يوماً مفصلياً، حسم فيه اليمنيون أمرهم، وتوجوا من خلاله حكمتهم، ووأدوا ما سمي بالربيع العربي، قبل ان تتطاير شرره الى كل بيت في وطننا الحبيب.
كثيرون يحتاجون منا الشكر، وفي مقدمتهم الشباب -غير المتحزب- الذي خرج بحثاً عن تلبية حقوق مطلبية -قبل ان تستحوذ الاحزاب على ساحاتهم- فالشباب سعى للتغيير بشجاعة، قابلته القيادة السياسية حينها بشجاعة كبيرة تمثلت في رغبتها بالتغيير وفق الاطر الشرعية، من خلال الانتخابات الرئاسية المبكرة، وهو ما تم في الأخير، ليؤكد انه المخرج الوحيد.. كما نشكر المعارضة اليمنية، والتي وإن سعت في بادئ الامر إلى الاستحواذ الكلي على السلطة، غير أنها حكمت العقل حينما ارتضت الاحتكام للمبادرة الخليجية واقتسام السلطة خلال الفترة الانتقالية.
ان كان من شكر خاص يقدم، فهو للأخ عبدربه منصور هادي -رئيس الجمهورية- الذي قبل المهمة بشجاعة واقتدار، بالرغم أن أوضاع البلاد لم تكن لتشجع أي فرد للتقدم نحو كرسي الرئاسة.. والحمد لله ان وفقه الله خلال العام الماضي، من خلال قراراته الجريئة، والجميل هو التفاعل والتجاوب المحمود الذي ابداه القادة العسكريون، خاصة المحسوبون منهم على الرئيس السابق، لأن البعض قد راهن على عدم تنفيذهم للقرارات، وقد خاب الرهان لأنهم مع بقية رفاقهم قد فضّلوا مصلحة البلاد.
قد يكون ما مضى في العام الفائت مهماً، غير ان ما سيأتي في عامنا الحالي هو الأهم، ففيه ستتشكل الرؤية لشكل الدولة وطريقة الحكم، وستقام فيه الانتخابات البرلمانية، وفي ختامه الانتخابات الرئاسية، وأهم ما فيه انعقاد المؤتمر الوطني للحوار، ذلك اللقاء الذي سيضم اطياف العمل السياسي ومنظمات المجتمع المدني، في بادرة هي الاعم خلال عقود طويلة، خاصة ان المتحاورين يدخلونه بلا سقوف، ولا خطوط حمراء... ولهذا ينتظر منه اليمنيون كل الخير، لأنه يعقد برغبة يمنية ورعاية دولية، وضمانات نجاحه لم يسبق لأي مؤتمر سابق أن حصل عليها.
نتمنى أن نصل الى 21 فبراير 2014، كما وصلنا اليه اليوم.. فكما كان اليوم حلماً بعيد المنال وتحقق بفضل الله تعالى، فإن يوماً كهذا بعد عام كامل سيأتي وقد عبر اليمنيون نفق أزمتهم، وحققوا تغييرهم السلمي الذي يحسدهم عليه الآخرون، ومرد ذلك الحسد هو حالهم المستقر.. فنسأل العلي القدير أن يختم الفترة الانتقالية لليمنيين بتغيير كامل، محققين فيه ما يجنبهم العودة لمربع الازمة من جديد.