نعم كنا بحاجة الى تغيير سلمي وفق الاطر الشرعية، وبعيداً عن الفوضى الهدامة التي لا زالت تواصل هدم الدول الشقيقة، فقد كنا بحاجة الى أن نفعل المبادئ الحقيقية لثورتي سبتمبر وأكتوبر والوحدة المجيدة، بعدما ابتعدنا عن روحها السامية، نظراً لتعلقنا بمصالح شخصية طغت على المصلحة الوطنية.
لم يكن اطلاقاً باستطاعة (الشرعية الثورية) تحقيق أهدافها في التغيير الجذري كما قال الاخ الرئيس: «إلا بتضحيات بالغة ودماء غزيرة وحرب طاحنة جنبنا الله إياها جميعا بفضله ورحمته»، بالمقابل كما اكد الرئيس: «فإن الشرعية الدستورية لم تستطع الصمود أمام إرادة التغيير العارمة نتيجة للتدمير الذاتي الذي عرضت نفسها له طوال السنوات الماضية بسبب طغيان المشاريع الخاصة والصغيرة على المشروع الوطني العظيم فنالها الكثير من التشوهات واهتزت مشروعيتها ما جعل الطرفين يتقبلان فكرة التغيير عبر التوافق تجنبا للمزيد من الدمار».
لذلك جاءت المبادرة الخليجية وآلياتها المزمنة لتتوج حكمة اليمنيين، ولتكون المخرج المشرّف واللائق لكل الأطراف باعتبارها قد رسمت خارطة واضحة لبلوغ التغيير الذي خرج الشباب من أجله - وإن طغت عليه فيما بعد رغبة الاحزاب في انتزاع السلطة- إلا ان النتيجة ان تلك المبادرة جنبت بلادنا ويلات حرب لم تكن لتوقف .
ينبغي ان نعترف ان جرأة الشباب في التعبير عن التغيير قابلته القيادة السياسية برغبة مماثلة، وان اختلفت السبل، إلا ان تحكيم القيادة السياسية، التي فضلت لغة العقل، وهي من ساهمت في ان يصل اليمن الى تسليم السلطة بطريقة سلمية عبر انتخابات رئاسية مبكرة، اسهمت في حقن دماء اليمنيين.. ان الانصاف هو من يحتم علينا ان نعطي كل طرف حقه، لأن الفائز الوحيد هو الوطن، وان اراد البعض تجيير ما حصل لصالحه.
ما من شك بأن القادم -بحسب قول الاخ الرئيس، وتفاؤل كل اليمنيين- سيكون أفضل رغم كل الصعوبات والتعقيدات، شريطة أن تعمل الدولة بإصرار -كما اكد الرئيس- على استيعاب الشباب وإشراكهم في صناعة القرار وتقديم كافة التسهيلات للمشاريع والمؤسسات الشبابية، ورعاية أسر الشهداء وعلاج الجرحى والمضي في إنجاز التغيير الذي قطعنا في طريقه خطوات طيبة بفضل الله تعالى وبفضل الارواح المتقدة والتضحيات النبيلة.
حقيقة لقد كان الوصول الى ما وصلنا اليه مجرد أُمنية، ولهذا ينبغي علينا ان نواصل المشوار، والمشوار الحقيقي للتغيير هو عبر سلوك بوابة الحوار الوطني، فمن خلاله فقط سنصل بحول الله وقوته الى التغيير المنشود، شريطة ان نتقبل كل الآراء، وألا نحتكر التغيير في جهة بعينها فالكل مساهمون فيه، وهو قادم لا محالة، لأن الجميع قد وصل الى قناعة تامة بذلك، فالكل قد أدرك ان مشروعه الشخصي قد تحطم امام مشروع الشعب.
* أستاذ مساعد بجامعة البيضاء