لقد كان عميد الأدب العربي أزهري النشأة طه حسين هو من رفع شأن الأدب العربي ليس في وطننا العربي وحده، وإنما على المستوى الدولي أيضاً، ويذكر التاريخ أنه كان معروفاً في الغرب، خاصة في فرنسا التى عاش بها فترة دراسته وجمعته صداقات مع الكثير من أدبائها، حتى إن الشاعر الفرنسى الكبير جان كوكتو، حين قام بزيارته الشهيرة لمصر في الأربعينيات الماضية ذهب لزيارة طه حسين بمنزله، كما ذهب لزيارة الأهرامات وأبوالهول، وأذكر أن أول تعليق لأديبنا الأكبر نجيب محفوظ، حين فاز بجائزة نوبل كان: «لقد كان أساتذتي أولى بها منى!»، وكان يقصد بذلك ـ حسبما قال لى بنفسه ـ أربعة هم: طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم والمازني.
أما أم كلثوم فقد تحولت لرمز شامخ للفن المصري في أعظم تجلياته، وهى أيضاً قصة كفاح في كتاب لتحرر المرأة المصرية وتأكيد هويتها بصعودها من أكثر البدايات تواضعاً إلى أعلى درجات التحقق والنجاح، وقد كانت مثالاً لارتباط الفنان بقضايا أمته في السراء والضراء، ولست بحاجة للتذكير برحلاتها التي جابت بها العالم لتجمع بصوتها الملايين لمساعدة بلدها في إزالة آثار عدوان 1967 الغاشم من تونس والخرطوم إلى باريس وموسكو.
لقد رفع كل من طه حسين وأم كلثوم اسم مصر عالياً في العالم، كما أسديا للإسلام نفسه من الخدمات ما لا يمكن تجاهله هو بكتبه المرجعية عن الوعد الحق والفتنة الكبرى ومرآة الإسلام وعلى هامش السيرة، وهى بأغنياتها الخالدة نهج البردة وولد الهدى لشوقى وإلى عرفات الله والثلاثية المقدسة ورابعة العدوية وغيرها، كما تلت القرآن بصوتها فسحرت الألباب، بل إنها تعلمت الغناء من مدرسة القرآن، الذي بدأت حياتها تجوب البلاد وهى طفلة لتلاوته.
فماذا فعل للإسلام هؤلاء الجهلة الذين تعدوا على التمثالين غير الإساءة للإسلام الذي هو منهم براء؟ إن طه حسين وأم كلثوم من بين أهم رموز الهوية الثقافية والوطنية المصرية، التي إن تم تحطيمها فماذا يبقى غير جهل اللحى والجلابيب؟!