إن مثل هذه الأعمال مجرَّم في جميع دساتير العالم، وهو مناقض للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بل إن دستورنا البائس الذي استفرد الإخوان بإصداره في غيبة بقية قوى المجتمع، يجرمه هو الآخر، حيث ينص الدستور في مادته رقم 36 على الآتي:
كل من يقبض عليه، أو يُحبس أو تُقيد حريته بأي قيد، تجب معاملته بما يحفظ كرامته، ولا يجوز تعذيبه، أو ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن لائقة إنسانياً وصحياً، وخاضعة للإشراف القضائي.
ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون. وكل قول صدر تحت وطأة أي مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه.
وإذا كان هذا هو ما نص عليه دستور الإخوان نفسه، فماذا هم فاعلون فيمن انتهك هذا الدستور بارتكاب ذلك الفعل المشين؟ لقد أصدرت الداخلية بياناً تقول فيه إن ما حدث هو تصرف فردى لا يمثل سياسة الوزارة، ومثل هذا القول لا يشفي غليل الناس، لأنه لا يمثل اعتذاراً للرجل، أو للأمة، أو لمصر التى تعرت كلها مساء أمس الأول أمام عدسات الصحافة والإعلام، وعلى مشهد ومسمع من العالم أجمع، فهناك من الإهانات ما هو شخصي وهناك ما يهين البلد ككل، وفي مثل هذه الحالات لا يصلح الاعتذار الفردي الذى يكون بمعاقبة مرتكب الفعل وحده، وإنما على الجميع أن يتحملوا المسؤولية، فوزارة الداخلية مسؤولة عن أفعال ضباطها وجنودها، ووزارة قنديل مسؤولة عن أفعال وزارة الداخلية، والرئاسة مسؤولة عما ترتكبه وزارتها، والإخوان مسؤولون عما يرتكب في ظل حكمهم للبلاد، فمن الذي سيتم اختياره هذه المرة ليكون كبش الفداء، ومن الذي سيظل قابعاً في مكانه بحس متبلد وكأنه غير مسؤول عما حدث؟!
*كاتب مصري