وما حدث في عدن يوم الاثنين الماضي كان شنيعا أيضا، وكانت الأطراف المشاركة فيه حزب الإصلاح والأمن والحراك الجنوبي، وينبغي التحقيق فيه أيضا، وقد أخطأت الحكومة أمس عندما أدانت طرفا واحدا هو الحراك قبل إجراء تحقيق.. يوم الاثنين منح حزب الإصلاح موظفيه إجازة بمناسبة ما أسماها (الثورة) التي قال إنها أطاحت بالنظام العائلي، وأسست للدولة المدنية الحديثة، وفي عدن لم يرسل حزب الإصلاح عناصره لقضاء إجازة بمناسبة «الثورة» بل أرسلهم للعدوان على عناصر الحراك، وزاد قوى ضعفه في عدن بجلب عناصر من مناطق نفوذه في أب وتعز، ولا أدري لماذا لم تشكل لجنة تحقيق خاصة بحوادث الإصلاح في عدن، فقد قتل اثنان وجرح عشرات ويقول نشطاء الحراك إن الضحايا منهم، بينما الصياح والبيانات والتضامن للإصلاح، فما حقيقة الأمر، ولم تنحاز السلطة المحلية لطرف معين وتزج الجنود في نزاع بين مكونات سياسية؟ .. بغض النظر عن انتماء الضحايا، فالواجب يستدعي التحقيق لمعرفة الحقيقة وتحميل المعتدي مسؤولية العدوان والقتل.. في صنعاء لم يحدث قتل والحمد لله، بينما في عدن هناك قتيلان أو أكثر، فلماذا لا يتم تشكيل لجنة تحقيق هنا كما يتم هناك؟ هل المكونات تعامل بحسب كبر أو صغر أحجامها، وبحسب قلة أو كثرة منابرها وحصتها من الحكومة؟ ينبغي أن يعلم القادرون على قلب الحقائق أن عداوة الدم لا تنتهي بسهولة، وأن ذلك يبقي العلاقة بين الإصلاح والحراك مضطربة على الدوام.. فالعدل العدل.
أعود إلى حادثة الأمس في صنعاء وأقول إن عضو مجلس النواب القاضي أحمد سيف حاشد الذي كان أكثر المعتدى عليهم جراحا وألما، إضافة إلى العدوان على حصانته النيابية، هو أول من نصب خيمة في ساحة الاعتصام بصنعاء عام 2011 ، وفي اليوم الذي قرر فيه حزب الإصلاح منح موظفيه إجازة بمناسبة الثورة التي قال إنها أطاحت بالنظام العائلي، وأسست للدولة المدنية الحديثة، كان حاشد يقول إن الذين يحكمون باسم الثورة اليوم أكثر قبحاً من جميع من سبقوهم، ورفع صوته بهذه المناسبة يدعو شباب اليمن لاستعادة ثورتهم التي استولى وسيطر عليها حزب الإصلاح، وتعهد بالسير معهم حتى استعادتها وعدم السماح بأخونة الدولة.. وفي الحقيقة إذا كان هناك ثوار فهم هؤلاء المعتدى عليهم في عدن وصنعاء، وإذا كان هناك أمل في دولة مدنية فالرهان على أمثال هؤلاء وأقرانهم الذين أفرزتهم الأزمات السياسية وكشفت نقاء معدنهم.