في اليمن يتفرد الإخوان دون غيرهم بمديح النموذج الخائب للجماعة الأم في مصر والدفاع عنه، ويعاونون الجماعة من هنا بترديد كل ما تقول بما في ذلك الشائعات الكريهة التي تسبكها الجماعة لتشويه صورة المعارضة، وتلطيخ سمعة شباب الثورة المصرية الذين تصورهم مجرد مسافحي بنات في العراء وسط القاهرة، بينما الفضيحة المشهورة في مصر هي أن الإخوان والسلفيين هناك هم وراء التحرش الجنسي الذي يحاولون من خلاله شل الفاعلية السياسية للمرأة وإعادتهن إلى البيوت.
عندما يدافع حزب سياسي عن سوءات حكم جماعة الإخوان في مصر، ويتعصب لذلك النموذج قلبا وقالبا، طاعة وولاء، أكثر مما يتعصب له المرشد، فإنه يبشر بذلك النموذج الخائب حتى لو لم يقل ذلك صراحة، ولا يلاحظ أن هذا التعصب لحكم المرشد في مصر يعد بمثابة تعصب للاستبداد والاستئصال والإبقاء على الأوضاع السائدة كما هي والدستور المزور وانتهاك استقلال القضاء وتخوين المعارضة والتحرش بالنساء لإعادتهن إلى البيوت وقمع المواطنين وعدم القبول بالدولة المدنية، وتعصب لكل العورات الأخرى التي تكشفت خلال ثمانية أشهر فقط من حكم الجماعة.. لا نستطيع فهم هذا التعصب للنموذج الذي قدمته الجماعة الأم إلا بوصفه النموذج المحبب للمتعصبين له، النموذج الذي يرتضونه ويتمنون تقديمه لنا في اليمن بديلا لكل المشاريع التي تطرح في الساحة اليمنية.
جماعة الإخوان في مصر استثمرت ثورة الشباب والقوى السياسية إلى الحد الذي مكنها من الوصول إلى السلطة، وبعد ذلك حافظت على الوضع القائم، بل أضافت إليه ما هو أسوأ، وانقلبت على الجميع.. ألا ترون أن الشيء نفسه قام به الإخوان هنا، حيث استخدموا شعارات التغيير والدولة المدنية والمساواة والمواطنة وغيرها بمثابة قوة محركة للشباب لكي يصلوا إلى الحكم، ثم انقلبوا على الجميع إلى درجة أنهم يطلقون على الجرحى المضربين عن الطعام أمام مجلس الوزراء للمطالبة بحقهم في العلاج، يطلقون عليهم وصف البلاطجة..
سلوك الإخوان بعد أن وصلوا إلى السلطة يتطابق تماما مع سلوك جماعة الإخوان المسلمين المصرية بعد تولي السلطة هناك. تنكروا لشركائهم وللتغيير، ومارسوا الإقصاء. وظفوا طاقات الجميع واستثمروا أشواق الشباب لمستقبل أفضل من أجل الوصول للسلطة، وليس من أجل التغيير، فالقدر المطلوب من التغيير هو ذلك الذي يمهد الطريق إلى السلطة، وبعد ذلك يجب أن يتوقف التغيير، والشباب الذين يبقون في الشوارع للضغط من أجل استمرار التغيير ينبغي قمعهم معنويا وماديا. المطالب التي كانت «ثورية» ذات يوم مثل التغيير والدولة المدنية والمواطنة المتساوية وحقوق المرأة لم تعد من مطالبهم بعد أن صاروا شركاء في السلطة، ليس هذا فحسب بل صاروا يقمعون حملة تلك المطالب، وتولى بعض شيوخهم تكفير دعاة الدولة المدنية وحرية التفكير، كما حدث للناشطات سامية الأغبري وبشرى المقطري وأروى عثمان ونساء ورجال آخرين.