وان كنا لا نحمّل الاشقاء في تركيا كدولة لما يصلنا، لكننا لا نعفيها أيضاً، فالشحنات تصلنا تباعاً عبر موانئها، وبعضها تحمل اسلحة تركية الصنع.. وهنا نتساءل: كيف لا تفحص تلك الشحن وهي متجهة لليمن؟ وهل الأمن اليمني أكثر دقة من الأمن التركي؟ حتى يكتشف ما عجز عنه الجيش الذي لا يقل تجهيزاً وعدة عن الجيوش الاوروبية.
الخطير في الامر أن الشحنات تتوالى، وتختلف محطات وصولها، فقد تأتينا بحراً أو جواً أو براً، والأخطر ان ما يتم اكتشافه، قد لا يعدو نسبة بسيطة، مما يتم ادخاله لوطننا الحبيب، قصد ازهاق ارواح ابناءه الأبرياء.. وقد يكون طعماً لتمرير ما هو افظع مما تم اصطياده من قبل رجال الأمن البواسل.
النتيجة التي نخرج بها من مثل هذه الشحن القاتلة، اننا لا نريد مساعدة من اي دولة، بقدر حاجتنا الى ان تتحرى تلك الدول بكل ما هو مرسول الى بلادنا منها أو عبر موانئها.. فإذا كانت امريكا تعرف اليوم ما يدور ببيت أحدنا نتيجة الاقمار التجسسية، فكيف يستعصي عليها معرفة كميات كبيرة من الاسلحة تورّد الى بلد هو تحت عين وسمع ويد أمريكا؟.
لكن المخزي في الامر أن من يدّعون أنهم يمنيون، يساهمون في ارسال الموت الى صدور إخوتهم، فيبيعون أنفسهم للشيطان مقابل ان يبقى الدمار مسيطراً على كل شبر في اليمن.. انهم في الحقيقة ليسوا يمنيين، وسمهم ما شئت، المهم لا تنسبهم لهذا الشعب الابي الذي لا يخون فيه اليمني أخاه، وإن اختلف معه، وان وصل به الحال الى أن يواجهه بالسلاح -جهلاً- لكن لا تصل به الخسة الى ان يشتري الموت في الخفاء لأبناء بلده.
اتمنى من الجهات الامنية ان تواصل تنبهها، ليس فقط من الشحن القادمة من تركيا، بل من كل الدول، فالقاتل لن يتورع ان يرسل مائة شحنة، مقابل مرور شحنة واحدة، فالثمن الذي قبضه وسيقبضه عن كل روح يمني بريء هو اضعاف اضعاف الشحنة المضبوطة .. كما نأمل ألا تسارع الجهات الامنية عن الاعلان والإفصاح عن الاشخاص الذين ساهموا في اكتشاف تلك الأسلحة، حتى لا يكونو هدفاً سهلاً لأولئك القتلة.. يمكن للدولة بطرق شتى ان تكرمهم دون ان تلمح الى هويتهم.
كثرة الاسلحة المرسلة تجعلني أكثر تفاؤلاً بأن اليمن قادم على الانفراج السياسي، فما هذه الاسلحة إلا سبيل لإفساد الجو التحاوري، وليقين هؤلاء ان اليمنيين سائرون في الاتجاه الصحيح نحو مؤتمر الحوار، الذي سيكون بوابة للتفاهم والتسامح والالتقاء على محبة الوطن.. ولهذا هم يأملون افشال مساعينا بشحن الموت التي يرسلونها.. ولكننا بحول الله وقدرته سنرسل لهم شحناً مليئة بالأخبار السارة عن اليمن، وتلك الشحن المملوءة بالخير هي من ستقتلهم كمداً وحزناً لأن مآربهم لن تتحقق بحول الله وقدرته، لأن الله محيط بالماكرين.
نسأل الله العلي القدير أن يجعل تدبيرهم في تدميرهم، وان يقي اليمن شرهم، وان يفضحهم على رؤوس الأشهاد، فربما من يرسل الموت لنا يتظاهر أمامنا بالورع والتقوى لينطلي علينا حاله، ثم يلدغنا كالثعبان السام، فافضحهم يا رب ليكونوا عبرة وآية لكل دنيء وخسيس وخائن...
أستاذ مساعد بجامعة البيضاء