ذهب هادي بقدمين ثابتتين الى الرياض وملفات ايجابية تحمل مؤشرات نجاح في مواجهة تنظيم القاعدة ومكافحة الإرهاب واجراءات أمنية مشددة لمسها المواطنون في العاصمة صنعاء ومدن رئيسية أخرى (منها عدن ، تعز ،الحديدة والمكلا)..الخ
اتكأ الرئيس هادي في دعوته للأشقاء لتقديم الدعم الاقتصادي لبلاده على قاعدة بيانات وحصاد ملفات، أفسدها بعض شركائة في الثورة والثورة المضادة بإشعال الحروب المذهبية في ذمار وحجة وتعز بين الحوثيين والسلفيين. ترى من يمتلك الضغط على زر إشعال الحروب المتناقضة والمضطربة في البلد؟ من المستفيد من إعاقة التغيير وحلم اليمنيين؟ من يمتلك التأثير على قواعد اللعبة والتأثير على اللاعبين في المشهد اليمني اليوم؟ .
لا احد يستطيع اليوم ان ينكر ان فاعلية الرئيس السابق قد ضعف تأثيرها في الداخل اليمني وانعكس ذلك على علاقاته الإقليمية والدولية . (لكنه يراهن على اللعب بمربع فشل خصومه للعودة الى المشهد اليمني الفقير بمشاريع التغيير الفردية وتواري الزعامات الحقيقية عن تحمل مسؤوليتها التاريخية في لحظة فارقة).
لعل الرئيس هادي يلبي طموح اليمنيين في ذلك.. وعليه ان يدرك ذلك، كما عليه ان يلتفت في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ اليمن الى النقاط العشرين المتعلقة بالقضية الجنوبية بدون تمييز سياسي او مناطقي او جهوي.
دعم خليجي
التعامل الخليجي مع الملف اليمني يحتاج الى اعادة نظر وقراءة منسجمة مع المصالح الدولية ربما ذلك هو ما دفع الساسة البريطانيين الى التدخل المباشر في اللحظة المناسبة بإعلان وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ في وقت متأخر أن لندن ستستضيف في السابع من مارس اجتماعا لـ«أصدقاء اليمن» مخصصا للمساعدة في المرحلة الانتقالية السياسية في هذا البلد.
وصرح هيغ في بيان بخصوص الاجتماع الخامس من نوعه الذي يعقد على المستوى الوزاري: «يسرني استقبال أكثر من 35 بلدا ومنظمة في المملكة المتحدة في مارس لعقد الاجتماع المقبل لـ(أصدقاء اليمن)».
اليمن على مفترق طرق
ووعدت المجموعة التي تتصدرها بريطانيا والسعودية في لقائها الأخير في نيويورك في سبتمبر (أيلول) 2012 بتقديم 1.5 مليارات دولار إضافية إلى اليمن. بذلك يرتفع المبلغ الممنوح إلى البلاد إلى 7.9 مليار من أجل دعمها في عملية الانتقال السياسي. وتابع هيغ أن «المجموعة ترغب في رؤية نتائج ملموسة لإجمالي 7.9 مليارات قطعت وعوداً بتقديمها، وتطورات فعلية على مستوى الانتقال السياسي». وقال إن «اليمن على مفترق طرق؛ فالرئيس (اليمني عبد ربه منصور هادي) يعمل من أجل تنظيم مؤتمر للحوار الوطني بينما الاستعدادات جارية للانتخابات عام 2014، لكن التقدم بطيء». وأضاف: «حان وقت العمل».
وقدرت وكالات الأمم المتحدة، احتياجات اليمن من المساعدة الإنسانية بـ716 مليون دولار في 2013، أي بزيادة 12 في المائة عن السنة السابقة، بعد إعادة تقييم حاجات السكان. وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قال رئيس مكتب الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة (أوشا) في اليمن تروند ينسن على هامش مؤتمر صحافي في دبي: «نأمل في جمع هذا المبلغ كاملا حتى نتمكن من تلبية الحاجات وإنقاذ حياة الناس». وأضاف: «ثمة حاجة ملحة في اليمن وحياة الناس في خطر». وتقول وكالات الأمم المتحدة إنها تأمل في أن «تكون الجهات التقليدية المانحة وشركاء اليمن قادرة على جمع كامل هذا المبلغ».
وفي 2012، تم جمع 329 مليون دولار من هذه الحاجات المقدرة بـ585 مليون دولار. وقال ينسن إن «عودة الاستقرار إلى بعض مناطق شمال اليمن وجنوبه أتاحت هذه السنة إعادة تقييم الحاجات». وأضاف: «وجدنا أشخاصا يواجهون نقصا غذائيا أكثر مما كنا نعتقد، ومزيدا من الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة غذائية». وأكد ينسن، قائلا: «حصلت تطورات إيجابية في اليمن، لكن الوضع الإنساني لم يتغير». ولا يستفيد 13 مليون يمني من إجمالي 24 مليون يمني من مياه الشرب والمرافق الصحية، بينما يواجه 10.5 مليون وضعا غذائيا صعبا، كما تفيد إحصاءات الأمم المتحدة.
تدهور الوضع الأمني
يعيش اليمن تدهوراً في الوضع الأمني بعد ان عززت «القاعدة» من تمددها في شرق البلاد وجنوبها مستفيدة من ضعف السلطة المركزية التي تلملم سيطرتها منذ 23 فبراير العام الماضي. وقرارات رئاسية تعيد ترتيب وهيكلة مؤسستي الجيش والأمن .
لقد تمددت القاعدة العام الماضي في ظل صراع سياسي بين مراكز قوى مختلفة كانت جزءاً فاعلاً في نظام صالح وترسيخه بعد حرب صيف 94 من القرن الماضي باحتضانها لجماعات إرهابية هم دوما أنصار الشدة في الازمات.
شجاعة محمد اليدومي العام الماضي بعد محاولة فاشلة لتهديد د.ياسين بالاغتيال بعد تقديمه لعشرين نقطة تعبر عن حقوق المواطنين في الجنوب ودفاع الحزب الاشتراكي عنهم عبر تبني قضاياهم دفع اليدومي الى تسطيحه للجريمة واستفزازه لمشاعر شركائه في العمل السياسي وتكريس الصدمة للمواطنين في الجنوب، لم يكن كلام الرجل الاول في الاصلاح زلة لسان كما يسوقها البعض لكنها لغة المرشد الفعلي والأيديولوجي الصرف الذي يسير قواعد التنظيم وقياداته بتقمص وتهكم (الرجل البسيط مثل حسن البنا ) لكنه الأقرب بنمط تفكيره ونفسيته الممتلئة بالعنف الى سيد قطب).
الجماعات السلفية على الخط
لقد حرك هذا الخطاب مشاعر العنف لدى السلفية الجهادية والتنظيمات المفرخة عنها والناشطة عبر مسميات مختلفة (انصار الشريعة)..(الجهاد الاسلامي)..(جمعية الاحسان)..(جماعة النهضة).. لممارسة العنف الفردي والجماعي المنظم الذي نشاهده ونسمع عنه عبر الاغتيالات لأفراد الجيش والأمن وناشطين سياسيين عبر مراحل متقطعة قريبة ومتباعدة, جعلت الرأي العام يتقبل هذه الحالة بذهول وكأنها من طبائع الامور في ظل انتشار السلاح والفلتان الأمني الذي تشهده المدن اليمنية .
عندما قرر الرئيس هادي اعلان حرب حقيقية الإرهاب وتعاون شفاف مع الولايات المتحدة الامريكية في مواجهة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب تماهى الخطاب الاعلامي لوسائل اعلامية قريبة من مطبخ صالح ومحسن والزنداني وريدكاليين في الاصلاح باعتراضهم على سياسة الرجل وتعاونه مع الولايات المتحدة الأمريكية .
فجاءت مقابلة أمين الاشتراكي مع احدى محطات التلفزة لتفسر استراتيجية الرئيس الواضحة في التعامل مع الداعمين الدوليين لليمن واستقراره في ظل شراكة حقيقية وشفافة في مواجهة الارهاب والقاعدة .. قال د.ياسين في مضمون كلامه ان شفافية الرئيس الحالي في مكافحة الارهاب أفضل من سلفه.
الكل يسمح لواشنطن لحماية مصالحها ولكن هادي بشفافيته سيدعم الخزينة اليمنية وسينعكس ذلك على الحياة الاقتصادية والاستقرار الامني والاجتماعي .العالم اليوم محكوم بلغة المصالح وتأمينها .
حرب على القاعدة
يعد ملف القاعدة من اعقد الملفات التي تواجه الرئيس هادي منذ انتخابه في فبراير الماضي وبعد ان شنت القاعدة حرباً مفتوحة على النظام والاستقرار في اليمن ،كان الأمر يتطلب مواجهة حقيقية القوة ونفسها مع الإرهاب والتنظيمات الارهابية في ظل إمكانيات محدودة وانقسام في مؤسسة الجيش .لقد دخلت واشنطن على خط المواجهة مع صنعاء في حربها على القاعدة وواصلت الطائرات الأميركية من دون طيار غاراتها على عدد من المناطق في محافظات ( مأرب وأبين وشبوة وحضرموت) قتل فيها المزيد من عناصر تنظيم القاعدة الذين يلاحقهم الطيران الأميركي، بإحدى مناطق مأرب.
وقالت مصادر محلية في محافظة مأرب إن 4 من عناصر تنظيم القاعدة لقوا مصرعهم في غارة جوية جديدة استهدفت سيارة في منطقة العطيف الواقعة على طريق صنعاء - مأرب، وذلك في سياق سلسلة الغارات الجوية بواسطة الطائرات الأميركية. وطبقاً لمصادر أمنية فإن الغارات المكثفة كانت تستهدف قيادات ميدانية وكبيرة في التنظيم.من بينها السعودي سعيد الشهري الرجل الثاني في التنظيم .لكن مصدراً حكومياً
نفى أن يكون لدى الحكومة اليمنية أي معلومات حول مقتل سعيد الشهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي يتخذ من اليمن مقرا له، في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أو خلال العملية التي تمت أول من أمس وقتل فيها عنصران من «القاعدة» أحدهما سعودي الجنسية. في حين أكد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ عقد اجتماع لمجموعة أصدقاء اليمن في لندن في شهر مارس (آذار) المقبل.
وكانت وسائل إعلام قد تحدثت عن مقتل نائب رئيس تنظيم القاعدة في اليمن سعيد الشهري المطلوب للسلطات الأمنية السعودية واليمنية، في السياق نفسه قالت مصادر قبلية في محافظة الجوف إن عددا من عناصر تنظيم القاعدة المطلوبين لقوا مصرعهم، ، في قصف نفذته طائرات أميركية من دون طيار، وذلك في سياق سلسلة الغارات المتواصلة التي بدأت السبت الماضي، و تُنفّذ على المناطق التي يعتقد أن قيادات وعناصر التنظيم تختبئ فيها .
مخاض الحوار
ويتزامن مخاض الاعداد للحوار الوطني وتكثيف الضربات الجوية الامريكية مع عود ة المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بن عمر الى صنعاء ، وذلك في جولة جديدة من الإشراف على سير التسوية السياسية الجارية في اليمن في ضوء المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقالت مصادر سياسية يمنية إن زيارة بن عمر ستركز على موضوعين رئيسيين، هما مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية الذي يحتدم الجدل بشأنه في الساحة اليمنية وبين فرقاء العمل السياسي والشركاء في حكومة الوفاق الوطني، المكونة من أحزاب «اللقاء المشترك» وشركائه وحزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه، ومحاولة تقريب وجهات النظر بشأن صيغة توافقية على المشروع الذي نصت عليه المبادرة الخليجية، والثاني هو الاطلاع على سير التحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني الشامل المقرر الشهر المقبل والأطراف التي ستشارك فيه وجدول أعمال وغيرها من التفاصيل المتعلقة بالمؤتمر والتي تضمن نجاحه.
وطبقاً لمصادر سياسية فإن بن عمر سيجري سلسلة من اللقاءات الثنائية مع الأطراف المعنية بالتسوية السياسية من مسؤولين وأحزاب وشخصيات اجتماعية من أجل مقاربة الأفكار بشأن مشروع القانون والوقوف على الملاحظات عليه، خاصة أن أحزاب «اللقاء المشترك» التي تترأس حكومة الوفاق الوطني هي من ترفض المشروع.
الثابت ان خطاب أيمن الظواهري والعودة لنهج السلف لن يحلا الأزمة الاقتصادية في اليمن باستثمارات صغيرة في النقل ولنشر خطابهم الايديولوجي. كما ان صرخة الحوثيين لن تحل أزمة السكن والتعليم في بلد يحتاج لرفع شعار التسامح بدلاً من شعار الموت لأمريكا واسرائيل، علينا كيمنيين ان نعيد صياغة المستقبل عبر انجاح الحوار الوطني بعيدا عن التمترس خلف الأجندات الذاتية والقبلية والمذهبية، لكن الواقع يقول ان علينا ان نقرأ مشاكلنا من بوابة أننا جميعا فقراء، وليس زيوداً وشوافع - شمالاً وجنوباً- شرقاً وغرباً - سادة وعبيداً.