14أكتوبر لم تكن ولن تكون صحيفة عادية، فهي كانت وما زالت صحيفة تمثل وطناً بأكمله، تحمل في صفحاتها احتياجاته وتطلعاته، وترسم بين جنباتها احلام الساكنين فيه.. ففي جنوب الوطن -قبل تحقيق الوحدة المباركة- كانت النافذة الرئيسية التي يتعرف العالم من خلالها على جنوبنا الغالي، فأعانت في ترسيخ مبادئ ثورة اكتوبر العظيمة ضد المحتل البريطاني الغاصب، ومهدت لتحقيق الوحدة الخالدة عبر نهجها الوحدوي، لتكون بعد تحقيق الوحدة المباركة، واحدة من الركائز المهمة الشاهدة على ترسيخ الديمقراطية، عبر الكلمة التي تبني ولا تهدم وتوحد ولا تفرق.
استطاعت الصحيفة -من خلال العاملين فيها - الاستمرار في العمل دون توقف-باستثناء فترة وجيزة اثناء حرب صيف 94- بالرغم من الاعباء التي واجهتها، والتي كانت كفيلة ليس فقط بتوقفها المؤقت، بل الى اغلاقها النهائي، ولكن لأنها نبض الشارع، فقد تغلبت على كل الصعاب، لتبرهن انها وجدت لتبقى، وليقرأها المتابعون لها صبيحة كل يوم.
لا نستطيع ان ننكر ادوار الرؤساء الذين تعاقبوا على رئاسة الصحيفة بدءً من عبد الباري قاسم، ومن خلفوه في منصبه، وهم الذين أسهموا مع زملائهم في مواصلة الصحيفة دورها التنويري والتثقيفي، ولكن تبقى لمسات الاستاذ أحمد الحبيشي الذي تعين رئيساً لمجلس ادارة المؤسسة ورئيساً للتحرير منذ 2005م، واضحة وجلية، حيث استطاع ان ينتقل بالصحيفة الى مرحلة الطبع الملون، بعد ان ضاق بها الحال حتى في صفحات الأبيض والأسود.
نعم يحسب للأستاذ احمد الحبيشي وبقية الزملاء في الصحيفة، قهرهم لواقع كان يراد منه ان تغلق صحيفتهم، وبعد ان كانت اكتوبر لا تُرى إلا في المناسبات، اوجدت قدماً قوية لها في الساحة الإعلامية، وساعد نهجها الذي انفتح على مختلف التوجهات في أن تكون نافذة للجميع، يلجون من خلالها على قرائهم.
كان في الماضي من الصعب ان تجد نسخة منها خارج مدينة عدن، أما اليوم فهي تصل حتى الى المديريات في المحافظات الشمالية، لتتحدى بذلك واقعاً مراً أراد لها ان تُطوى صفحاتها، ولكنها ستبقى رمزاً لثورة خالدة، وستظل محفورة في وجدان اليمنيين، تماماً كما هي ثورتهم التي قهرت اعتى الامبراطوريات العالمية، والتي كان من الصعب التغلب عليها حينها.
عندما تتصفح أكتوبر، ترى من خلالها الجمهورية اليمنية، عبر شبكة مراسلين، ينقلون الحدث من موقعه، ليصل الى القارئ.. كذلك لم يتأثر موقع الصحيفة على الشبكة العنكبوتية، بل ظل وما زال مضيئاً في وجه متصفحيه، في وقت توقفت فيه مواقع الكترونية لمؤسسات اعلامية حكومية، مما يدل على ان الصحيفة والموقع مكملان لبعضهما البعض، لما فيه خدمة القارئ.
لقد استطاعت الصحيفة مواكبة الاحداث التي مرت بها بلادنا، وساهمت في الدعوة للحوار والتصالح والتسامح، ونبذ الخلافات، والابتعاد عن الاقصاء والتهميش، لإدراكها ان اليمن هو وطن للجميع، يتسع لمن يحترم سيادته وأمنه ووحدته واستقراره.. فدعواتها المستمرة للتحاور تستمده من رغبتها في خلق يمن جديد، يسود فيه القانون.
نبارك للصحيفة قيادة وعاملين وقراء، احتفالها بالعيد الـ45 على إصدارها، متمنين لها ان تطفئ مئات الشمعات، وان تستمر على نهج التواصل مع القارئ، وان تظل منفتحة على كل الأطراف، فهي بهذا كسبت احترام قرائها.. وستبقى كما كانت - الى جوار الصحف الرسمية- صحيفة تمثل وطناً بأكمله.
أستاذ مساعد بجامعة البيضاء