وليس غريباً على هذه المدينة أن تحتفي اليوم بالذكرى الخامس والأربعين لميلاد صحيفة يمنية عربية وهي صحيفة (14 أكتوبر) ، ولئن لم تسبق أو ترافق صحيفة 14 أكتوبر الثورة الخالدة المسماة باسمها حيث تأسست الصحيفة في 18 يناير عام 1968م إلا أنها أي الصحيفة تُعد واحدة من ثمرات هذه الثورة والناطق الرسمي لإرهاصاتها ، وقد اكتسبت بحملها لهذا الإسم العزيز على قلوب أبناء شعبنا مكانة خاصة لما للثورة من قيمة وطنية وتاريخية عميقة غيرت مجرى تاريخ هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم ، فهي التي قادت النضال التحرري ضد الاستعمار في ارض الجنوب وأقامت على هذه الأرض دولة فتية اعترفت بها كل الأمم .
إن صحيفة ( ١٤ اكتوبر ) التي احتفت في العام 2008 بسن الأربعين أو مايسمونه سن النبوة هاهي اليوم تعدو هذه السن بنصف عقد و تحتفي بذكراها الـ 45 معبرة عن تعاظم رسالتها التي مرت بحقب زمنية مختلفة وظروف سياسية متباينة وتطور أدؤها شكلاً ومضموناً عبر هذه السنوات الطوال ، ولاشك أنها بعد هذا العمر المديد قد باتت مدرسة صحافية عريقة يؤمها أصحاب مهنة المتاعب للإفادة منها أو العمل بها فضلاً عن قراءتها مع صباح كل يوم جديد .
يسرني ان أتوجه بالتحية والتقدير لرئاسة تحرير الصحيفة وجميع العاملين فيها والتعبير عن خالص التهاني للجميع كتابا وقراء فالمناسبة عزيزة على قلوبنا لما لـ 14 أكتوبر ( الثورة الخالدة و الصحيفة الرائدة ) من مكانة خاصة ودور أخص .
ولا يفوتنا بهذه العجالة الاشارة الى دور الرواد المؤسسين الأوائل الذين إداروا عمل الصحيفة في ذلك الوقت باقتدار في ظل ظروف اقتصادية وسياسية وتقنية غاية في الصعوبة والتعقيد بالقياس الى ظروف اليوم ، وهنا أتوجه بالتحية لجميع الرواد والمؤسسين ومنهم على سبيل الذكر الأستاذ عبد الباري قاسم رحمه الله والأستاذ سالم زين رحمه الله ، وكذا الى جميع الذين إداروا الصحيفة في المراحل المختلفة وجميع من عمل ولا زال يعمل فيها ، اولئك الذين عملوا بصمت وبجهد وإخلاص وتفانوا كثيرا لتطوير الصحيفة التي ادت دورها الإعلامي الوطني باقتدار واسهمت بكفاءة عالية في عملية البناء الوطني الذي تحققت فيه الكثير من الانجازات وشهدنا فيه العديد من الأخطاء والاخفاقات ، وصمدت كثيرا في وجه المتغيرات العاتية التي أتت على الأخضر واليابس وبقيت الصحيفة وكتابها والمشتغلون مع الحرف يعملون بصبر لتتحول الصحيفة مع الايام والسنين إلى مدرسة كبيرة احتضنت الكثير من الأقلام ومن المثقفين والمبدعين،وتاهل في اقسامها وتخرج الكثيرمن الكتاب والإعلاميين القديرين .
واليوم اصبحت الصحيفة مؤسسة إعلامية ودارا للطباعة والنشرتلعب دورا كبيرا لا يستهان به ، وكانت تصدر في الثمانينات أكثر من مائة كتاب سنوياً، وشهدت تطورا كبيرا على الصعيد المهني والتقني في ظل قياده الصحفي المخضرم رئيس التحرير الاخ احمد الحبيشي الذي نتمنى له التوفيق نحو المزيد من تحقيق النجاحات للمؤسسة ، وهنا نشيد كثيرا بالدور الذي تمارسه اليوم الصحيفة على صعيد منح الكلمة افقا جديدا وبعدا واقعيا غير معتاد وغير مألوف في الصحافة الرسمية المحلية والخاضعة للرأي الأحادي النظرة والرؤية، وذلك من خلال إفساح المجال للرائ والراءي الاخر للتعبير عن الرؤى على اختلافها وتنوعها، واتاحة الفرصة والمجال للعقول الابداعية المختلفة للتعبير عن ذاتها بحرية بعيدا عن الإملاء والضغوط وبعيدا عن مشاعر الخوف التي تفرضها السلطات في إطار ممارسة احتكار الكلمة ومصادرة الحقيقة ، وبهذا تستطيع الصحيفة ان تصل الى عدد كبير من الناس وتستطيع ان تمارس رسالتها ودورها التنويري بالاعتماد على المصداقية والمهنية و على قاعدة احترام عقل القارئ واهتماماته الانسانية اولا باعتباره هدف الصحيفة الأساس، وباعتبار ان غذاء العقل هو المعلومة الصحية (الصحيحة) وان هذا العقل قد تطور كثيرا خصوصا ولم يعد يعتمد على القناة الواحدة والمؤثر الوحيد ، لاننا اليوم نشهد تطورا إعلاميا هائلا وبلا حدود يقابله تطور كبير في اهتمامات الناس ومتطلباتهم المتسارعة ورؤاهم وبالذات لدى فئات الشباب والفتية وحتى الأطفال ، والخاضعة للكم التراكمي الهائل من المؤثرات السمعية والبصرية كنتاج طبيعي للثورة التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم ، ومن هنا تأتي اهمية السعي نحو تطوير الصحيفة لترتقي الى مستوى مجاراة هذه التحولات وهذه التطورات المؤثرة على وعي الناس واهتماماتهم .
ولا أنسى هنا بهذه العجالة أيضاً الاشارة الى اهمية تنظيم أرشيف الصحيفة ليصبح مرجعا تاريخيا يؤرخ لكافة المراحل التي مرت منذ تأسيسها وحتى اليوم وفي هذه المناسبة تحديدا آمل من إدارة الصحيفة توثيق ونشر جميع اسماء المؤسسين الأوائل وجميع الذين إداروا الصحيفة في المراحل المختلفة وعملو في أقسامها ليتسنى للباحث الاطلاع بيسر حين يريد الاطلاع على تاريخ الصحيفة المجيد.
كما أجدها مناسبة هذا اليوم وعبر هذه الصحيفة لتوجيه التحية لكل أبناء شعبنا العظيم ولجميع الذين شاركوا بصنع ملحمة الاحتفاء بذكرى التصالح والتسامح في جميع ساحات جنو بنا الحبيب أولئك الذين صنعوا من هذا اليوم يوما خالدا في تاريخ نضال شعب الجنوب الصامد.ونؤكد على اهمية مواصلة الجهود لتعزيز أواصر التلاحم وتحقيق قيم التصالح والتسامح النبيلة على ارض الواقع .