
تجاوز عدد الشهداء والجرحى هذا الشهر مئتي الف، ومعظمهم من الاطفال والنساء وكبار السن فالأرقام مخيفة ومأساوية تدمي القلوب. لم يعد هناك حجر على حجر، ومن تحت هذه الانقاض نسمع صوت النساء والاطفال يصرخون ويطلبون النجدة والحياة فقد دُمِّرت كافّة المدن والقرى والمزارع والمدارس والمستشفيات. ويعاني أهل غزة من حصار خانق، حتى وصل الأمر إلى تعرضهم للمجاعة ونقص المياه والغذاء والدواء وازدياد التطهير والتدمير في نفس الوقت، في ظل الصمت العربي والاسلامي والدولي وكأنهم غير معنيين بما يحدث من جرائم بحق الشعب الفلسطيني في غزة و الضفة الغربية.
وما يجري في غزة يُظهر بكل وضوح خطر المشروع الصهيوني-الأمريكي التوسعي، لذا يجب أن تكون فلسطين قضية العرب والمسلمين وشعوب العالم قاطبة، فما يحدث من كوارث يومية مهولة ومرعبة هو إنذار خطير لكل البلدان العربية وهنا نُذكّر بالمثل العربي: «أُكلت يوم أكل الثور الأبيض». وتجاهل ما يحدث في غزة لا يعني طوق النجاة لأحد من الخطر المحدق بهم.
ولم يقتصر التهديد الصهيوني على غزة بل امتد الى مصر الشقيقة فنحن إذ ندين هذه التصريحات الاسرائيلية بالدعوة الى تفكيك القدرات العسكرية المصرية في سيناء وهو امتداد لمشروع التهجير الفلسطيني الذي نستنكره كما استنكرته جمهورية مصر في رفضها القاطع لعملية التهجير التي تطال الشعب الفلسطيني ونؤكد وقوفنا الى جانب مصر في موقفها القومي والانساني وهي التي وقفت على مر التاريخ الى جانب قضايا الأمة العربية وفي المقدمة القضية الفلسطينية.
لم يعد الكيان الصهيوني يخفي نواياه العدوانية والتوسعية تجاه الدول العربية وشعوبها، وإذا لم يبادر العرب الى توحيد صفوفهم بمشروع قومي عربي في مواجهة الخطر الصهيوني القادم والداهم، فسيجدون أنفسهم في مواجهة عاجلاً أم آجلاً لنفس السيناريو الذي يعيشه الفلسطينيون اليوم. كما نؤكد على اهمية تفعيل دور الجامعة العربية (بيت العرب ) لما لذلك من اهمية في هذه المرحلة والمراحل اللاحقة.
وفي الختام أتذكر قصيدة الفقيد الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح الذي شرح الواقع العربي والإسلامي وهو يستنكر الصمت والذل والهوان:
«الصمت عار، الذل عار. من نحن؟ عشاق النهار. سنظل نحفر في الجدار، إما فتحنا ثغرة للنور، أو متنا على وجه الجدار.»
تحية إعزاز واجلال لصمود الشعب العربي الفلسطيني الذي يناضل نيابة عن كل عربي ومسلم في هذا العالم.