لو قالها أحد غير المحافظ ذاته لما صدقته، فأنا اعرف أن اهانة المواطن في الحديدة أصبح تأمراً عادياً، أما ان يصل الحال، الى إهانة رئيس السلطة المحلية، ورجل المحافظة الأول، فسلام بعدها على المساكين فيك يا عروسة البحر الأحمر، الذين ليس لهم حراسات، ولا اسلحة يحملونها، سوى قولهم: الله يسامحك.
نبهنا مراراً سلطات الدولة العليا ممثلة بالاخ عبد ربه منصور هادي -رئيس الجمهورية- من الانتهاكات المتكررة، التي تطال حرم مطار الحديدة الدولي من وجهات عسكرية ومدنية استولت على أجزاء كبيرة من حرم مطار الحديدة، وتم البناء في تلك الأرض المخصصة لتوسعة مطار الحديدة -بحسب كلام الاخ المحافظ نفسه-، ولأن الحكومة غائبة، أو تريد تغييب نفسها، هرباً من تحمل المسئولية في هذه المشكلة الخطيرة، فقد بدأ الجنود -بحسب المحافظ- ينقلون عائلاتهم إلى داخل غرف تم استحداثها ويوصلون الكهرباء من الشارع العام ويواصلون البناء ليل نهار من أجل السيطرة على الأرض وفرض النهب كأمر واقع.. حتى نصل الى نتيجة: يبقى الحال على ما هو عليه، وعلى المتضرر-السلطة المحلية- الصبر والقبول.
أي سطو مسلح هذا؟ ومن يقوم بهذا السطو؟ أليسوا رجالاً عهدت اليهم الحكومة حراسة المطار وحرمه، فإذا بهم ينتهكون تلك الحرمة، ويعيثون به فساداً وإفساداً.. صحيح ذلك الاستنتاج الذي خرج به محافظ الحديدة: إذا نجحت القوات الجوية في السيطرة على حرم المطار سيتبعها الميناء والمتنزهات البحرية والبرية.. وليت الحال سيتوقف عند هذا فربما بيوت الاهالي في مدينة منظر القريبة من حرم المطار، تصبح هي الاخرى غنيمة للنهّابين الجدد الذين يجسدون مقولة: حاميها (.......).
ذلك التصريح الخطير الذي ضاق به صدر محافظ الحديدة، ليخرجه على مسامع الحاضرين في الاجتماع الذي ضم قادة أحزاب المشترك وشركائه، والمؤتمر وحلفائه، والغرفة التجارية والملاحية، ومدير الأراضي، والأمين العام للمجلس المحلي... أي انهم اهل العقد والحل -أو هكذا يخيل لي- في المحافظة، ولكن اذا كان الناهبون الجدد قد تصرفوا بتلك الطريقة مع المحافظ، فما عسى الآخرين أن يفعلوا؟.
المخزي أيضاً أن تقول قيادة القوات الجوية والشرطة الجوية -بحسب ما نقله المحافظ للمجتمعين-: إنهم غير قادرين على إعادة الجنود أو حتى إغلاق مخازن الأسلحة في وجوههم.. فأي مهازل صرت تعيشينها ايتها المغلوبة على امرك -الحديدة- وأي هوان صار اليه حال المسئولين فيك.. فالحل كما قال المحافظ: «إما أن نكون مسؤولين ونحمي المطار أو نقدّم الاستقالة الجماعية وإعلان عجزنا عن حماية مطار الحديدة الذي سيتحوّل إلى موقف للسيارات إذا نُهبت أرضه».. فهل سيصبح مسئولو محافظة الحديدة مسئولين فعلاً، ام مجرد تابعين ينفذون الاوامر على المساكين ليس إلا، اما من يحتلون ارضية المطار، فما عليهم إلا التتميم لهم صباح مساء، علهم يتقون شرهم.
المثير للشفقة ان يخرج الاجتماع بمقترحات، وليس بأوامر قهرية بحق المغتصبين لأرضية المطار.. فلم يستطع المجتمعون غير التصويت على تحويل قضية انتهاك حرم المطار إلى قضية يمنية - دولية، على أن تشكّل ثلاث لجان لتفعيل وتصعيد القضية عبر المسيرات والمظاهرات والاعتصامات لمواجهة ناهبي أراضي حرم مطار الحديدة الدولي... أهذا ما استطاع رجالات الحديدة فعله، يا بئس الفعل، الذي لن يزيد ناهبي الاراضي في الحديدة إلا تجبراً، ولن يزيد الساكنين في المحافظة إلا ذلاً وهواناً، يصعب وصفه، ولكن من السهل رؤيته على محيا المساكين فيها.
فما فائدة المجلس المحلي؟ وما هي دواعي وجوده؟ هل لجباية الاموال فقط؟؟.. إذا كان مغلوباً على أمره-كما اتضح من خلال ما تعرض له المحافظ- فليسلم الراية، ولينسحب تاركاً المجال لرجال يستطيعون الدفاع أولا عن أنفسهم، قبل الضعفاء والمساكين.. اين هو قانون السلطة المحلية؟، أليست تلك القوات العسكرية باختلاف مسمياتها تابعة للأجهزة الامنية فيها؟.. الاشرف للأخ محافظ المحافظة أن يعمل كما يعمل محافظ محافظة تعز الاستاذ شوقي أحمد هائل، أو أن يعود بكل هدوء -سالماً- الى قواعده في مجلس النواب.
قد تكون السلطة المحلية في الحديدة عاجزة، كما قال الرجل الاول بها، ولكن السؤال المهم هل تبقى رئاسة مجلس الوزراء، ورئاسة الجمهورية، وبينهما الاجهزة العسكرية، عاجزة عن الانتصار لمطار الحديدة الدولي؟؟ وعدم تحويله الى مطار -عفواً- أقصد موقفاً للسيارات.. هذا ما سوف تكشفه الايام القادمة.
أستاذ مساعد بجامعة البيضاء