من منا شعر بما عاناه الحسني وغيره من الذين ودعوا عالمنا المليء بالمحاباة؟ ومن منا سأل نفسه مجرد سؤال: هل نصل الى خانة النسيان التي وصل اليها من سبقونا؟ لا لشيء الا لاننا انفسنا زملاء الحرف لم نعر بعضنا ادنى اهتمام، فكيف نطلب ان ينتبه الاخرون الينا؟.
للاسف الشديد سيظل هذا الحال هو الساري على كل مبدع في وطننا الحبيب، فالمعاناة ليس لها صوت لتخترق آذان المسئولين، وتستنجد بآدميتهم التي ضاعت.. عندما يصاب المبدع لا يقوم احد بنجدته في ساعات مرضه الاولى، بل على العكس يظل يستجدي المساعدة، من اناس يقايضونها بأن يتنازل الشخص عن كل شيء وادناه كرامته.
لماذا لا ينشأ صندوق يوكل اليه معالجة المبدعين في كل المجالات وليس الاعلام فقط؟ الصناديق المالية التي نسمع عنها كثيرة؟ غير ان الصندوق الوحيد المتوفر لمبدعينا هو صندوق الموتى -التابوت- وحتى هذا الصندوق لا يتوفر لكثير منهم من الذين كتب عليهم الموت خارج اليمن بعد رحلة مريرة من العلاج، ولا تملك اسرهم حتى شراء صندوق ليحمل جثتهم الى الديار.
مسكين في بلادنا من لا يملك سوى موهبته، فهي لاتسمن ولا تغني من جوع، فالبقاء فيها لمن يملك كل شيء سوى الابداع، لان هناك من يتفننون في محاربة الابداع بشتى الصور، لانهم يدركون تماما انهم سيهزمون امام جيش الموهوبين، ولهذا فإن السلاح الوحيد هو القضاء على كل موهوب في هذا الوطن، والابواب كثيرة ومنها التغاضي عن اسعافهم في الوقت المناسب.
برقيات التعازي سوف تنهال، وصفحات الصحف ستغطيها كلمات الاسى، ولكن السؤال المهم: هل ستنفع مبدعينا مجرد كلمات مستهلكة، اصبحت جاهزة للاعلان بمجرد موت أحدهم، مع تغيير اسم المبدع ليس إلا؟؟.
اعرف كثيرا من الذين افنوا اعمارهم في خدمة الوطن ومنهم الاستاذ عبد الرحمن بكيرة، ذلك الشاعر والاديب والمنشد الذي ظل لأكثر من 40 سنة يملأ تهامة نشاطا ادبيا، نقل من خلاله تراثها لكافة ارجاء الوطن، وقس على ذلك الشاعرين العزي المصوعي ومحمد العديني، وثلاثتهم يعانون الآلام وطريحو فراش المرض، ولم يلتفت اليهم أحد، وربما تنتظر الجهات المختصة متى ترسل اليهم -عفوا الى ذويهم- عبارات الاسى.. وغيرهم كثير في ربوع وطننا الحبيب.
رحم الله الزميل الخضر الحسني وادخله فسيح جنانه وألهم اهله ومحبيه الصبر والسلوان، انا لله وانا اليه راجعون.. ان كلمات التعازي ستظل تتواصل طالما وانها تسير جنبا الى جنب مع روتين الاهمال، وستظل شجرة المبدعين ترمي بأوراقها على الارض، كيف لا ومياه الدولة لا تسقيها ولو بقطرة من الرعاية والاهتمام، خاصة في وقت المرض.