الدول العربية وغير العربية تبرر قراراتها بمنع هؤلاء وأمثالهم من دخول أراضيها بأن هؤلاء ممولين أو داعمين للتطرف والإرهاب، ومثيري فتن وانقسامات في المجتمع، وعرابين للجماعات الإرهابية والمتطرفة، ويحرضون على العنف ويفتون الشباب بالانتشار في ساحات الصراع عبر العالم بدعوى الجهاد في سبيل الله.
لكن ما لا تقبله دولة لنفسها تقبل به للآخريات.. قطر لا تقبل من القرضاوي القيام بالدور الذي من أجله منع من دخول بريطانيا وفرنسا، وطارق السويدان ممنوع من دخول دولة الأمارات لكنه في الكويت يقول ما يشاء، ومنعت الكويت سعوديين ويمنيين أفتوا بواجب الجهاد ضد الشيعة في العراق بينما الكويتيون الذين شاركوا في الفتوى لا يزالون يؤذون شعوبا أخرى، وبريطانيا التي منعت القرضاوي تحمي أبو قتادة الأكثر تطرفا ودعما للإرهاب، ودول أوربية منعت الشيخ العريفي لكنها تحمي أشياخا عربا متطرفين يؤذون شعوبهم، وعايض القرني ممنوع من دخول فرنسا والولايات المتحدة لكنه في السعودية يقول ما يشاء ومرحب به في اليمن في أي وقت. إضافة إلى ذلك أن منع شيخ من دخول بلد ما في هذا العصر غير مجدي، فعبر الفضائيات وتويتر وفيسبوك ويوتيوب والبريد الألكتروني يستطيع أن يصل إلى أي فرد أو جماعة في أبعد نقطة من العالم خلال ثواني.
وأمام هذه المعضلة لم يبق إلا العمل بالحل التقليدي الذي استخدمته المعتزلة “ لا يفل الحديد إلا الحديد”، أي مواجهة المتطرفين بمعتدلين أقوياء الحجة، وهؤلاء كثر لكن مشكلتهم أنهم منهزمين، لا يريدون المواجهة، شعارهم “وأنا مالي” يحسبون المواجهة تصب في خدمة أنظمة هي التي أعلت من شأن المتطرفين وحاصرت المعتدلين زمنا طويلا ولا تزال تهمشهم، بينما نرى أن هذه المواجهة مطلوبة لحماية المجتمع من القنابل البشرية التي تفجره وتجعله في حالة صراع يومي وكوارث فكرية وبشرية، فضلا عن أن المتطرفين والإرهابيين صاروا سببا لزيادة عدد المرتدين عن الإسلام الذي يقدم بتلك الصورة البشعة والمتخلفة.. ورجل الدين الحقيقي لا يشمت ولا يستعذب معاناة أي نظام أو مجتمع ثأرا لنفسه من الإهمال والمنع، بل يقول ما يعتقد أنه حق ويمضي في طريقه، ويحتسب الأجر عند الله كما تقولون.