إن دراسة نمط الصراعات المندلعة وفهم مدلولاتها والمعطيات التي تغذيها سوف تقودنا إلى صراع قديم يتجاوز مفهوم الحكايات والصراع على آبار النفط والهادفة إلى زرع مؤامرات استعماريه خطيرة إلى وضع إطار جامع للحقد ونسبة إلى حالة العُجز التي صيغت بها العبارات والدلالات التاريخية والهادفة إلى تكريس مفهوم المنتصر وتبجيله ومنحه مساحة أكبر خارج مكونات الشفافية بكُل مكونات المكونات العصبية.
أسئلة كثيرة ترمى في وجه كل محلل للوضع التاريخي والسياسي القائم على مشروع الضياع دون الأخذ بمشاريع النهضة الإسلامية والإنسانية بشكل عام والقائمة على استخدام المفردات التي تبدد ظلام الماضي وتؤسس لمشاريع تنويرية قائمة على الإنتاج والبحث والاستقراء التي سادت عصوراً ذهبية قادها علماء وكتاب عظام أمثال ابن سينا والكندي والفارابي وغيرهم في تاريخ الحضارة الإنسانية .
انحطاط الشعوب ووصولها إلى حالة اصطدام بالهوية والتفتيت بحثا عن مشاريع اندثرت منذ قُرون لا يوحي إلا بحالة من العبث لدحر أي مسارات تبحث عن ضوء القادم دون خروم ونتوءات الماضي البائس واللعين .
إن تحليل المسار السياسي وتطوره بتطور نظام الآلة إن لم يقل اكتسح عقلية الحاضر بلوثة الماضي فإنه حاول تجذير مفهوم الصراعات بثقافة أكثر اتساخا في مكنونات الدولة وبنيتها الهيكلية ونظامها السياسي القائم وهذه الكيانات للأسف ظهرت جليا في المجتمعات العربية والإسلامية التي تفشى فيها مرض انفصام الهوية أمام الواقع وانتشار حالات الترويع والفكر المصاحب للعنف كتعبير أدق في صياغة تكتلات مبالغ فيها لحكم الأرض وصبغها بمشروع تدميري لعين .
إن تسويق المنتجات الفكرية بشكل خاطئ وبشكل فردي مجتزئ لن يقود هذه الشعوب إلا إلى مزيد من العنف والفراغ في قمة السلطة مدعومة بوسائل تفريخ محلية وغربية للوصول إلى حالة فراغ كُلي والاحتدام مع الفكر المضاد لتفويت أي فُرص للبناء والتفكير بشكل عقلاني لبداية عصور التنوير والتحديث.
إعادة تحديث وهيكلة المناهج وإدخال عنصر الحداثة واستيعاب الآخر ووضع قيمة له ودراسة نقاط قوته وضعفه مع وضع خطط تدريجية للفشل والنجاح في أي مشاريع قومية خارج عصبويتها إن لم نقل قوميتها المفتعلة لنظام سياسي بعينة سوف تقودنا إلى قراءة حقيقية لطبيعة العصر وإلى ضعف هرمون المبالغة والعاطفة ووضع الصعوبات في خانة التحديات والبناء الممكن اعتماده في دراسة الغد وتحقيق تطلعاته بكُل اقتدار .
تولي مهمة السيطرة على مساحات التأثير أو التأثر لن تكون إلا بمزيد من الحقن الفكرية والتعليمية والترشيدية لأي شعب من الشعوب وليس بالهيمنة الفكرية وصبغها بكُل سلبياتها انعكاساً لنظام سياسي معين كي نطيل أمد بقائه ونمنحه مزيدا من التربع على جرحنا وفقرنا بسبب حالة الإنهاك واليأس التي نتمتع بها .
فالتطرق لطُرق الحكم وصفة البقاء والحماية ومحاولة نقدها بكل الطرق والأساليب الفكرية والحضارية المثلى سوف تخلق لدينا مجتمعات واعية قادرة على محاسبة الحاكم وثقافته كي نرى أنفسنا في يوما ما في طريق الصواب والقُدرة على العيش بين الشعوب بشكل أفضل وأقدر على البقاء والارتقاء .