هذا التناقض تغذية تيارات مؤدلجة وأحيانا متطرفة كي تحاول أن توجد حالة من الانفصام القطيعي بين أحلام المجتمع التي تغطت بفعل الغبار الكثيف والمتطاير وبين حلم الإيغال والاستحواذ على السلطة تحت شعارات أقرب إلى التصديق .
أوجه منا غائبة وأوجه أخرى حاضرة وأخرى محاصرة وأنت يا صديقي بين تعدد تلك الأوجه والأسماء تحتل تقاسيم وجهي وقلبي المليء بنبض الحياة .
سيدي : امنحني الجيل الثائر على نفسه في طريق العتمة كي أُقايضك بالضحكة البريئة، النقاء الأول.
فالكلام الذي يمر بين نقطتين مهملتين دون سابق إشعار كما الثورة التي تجرف كل ترهات الماضي بكل فوضى وجنون.
تعلم يا صديقي التحليق عاليا اليوم كالموت الذي يختفي وراء كل زاوية في انتظار قدومه كمحاولة للإجهاز على فريسته ، عرس للقضاء على هذا التحليق والارتفاع ، شموخ بلا انحناء ، بداية اللانهاية .
فالمدن التي أبقت على مشاريع التخلي حالة مصلوبة في مواجهة جدار إسمنتي لا يتعاطي مع أيديولوجيات المكان ، ذاكرة بلا نور ، وردة في خاتمة كتاب الجريمة ، صيحة قبل ولادة اللوحة الفنية الخالدة .
الكتابة في وسط هذا الظلام أو فيما يسمى كتابة في قلب المجهول نزوع غير عقلاني، تماوج بين السطور ، فهي تشبه حالة من القتال الدونكيشوتي في مواجهة طواحين الهواء الخاوية أو حالة من التشابك أو التعارك بالأيدي كدليل على أن كل هذه الفضاءات لم تستوعبنا حتى النهاية .
مجتمعنا هو النبأ اليقين ، حالة من العهر والسقُوط والفوضى، حالة من التفكك ، انتفاضات ، بريد الشمس ، مشاريع ثوريه تبدءا وتنتهي في مشارق الصيف ، في يوم الجمعة الخالد ، تتلقفها حالة من التهديد والوعيد ، جلباب وزي تقليدي وعباءة يمنية تقاوم لهيب الشمس المحترق ، تشتد الأهازيج ، ويشتد سقوط الرصاص ، لملمة الأشلاء، العويل ، التصريحات النارية ، انتصارات الموت والشهادة ، وجبات سياسية دسمة ، جُرح تقتات عليه النخب الحاكمة .
صحافة الأسماء ، كتابات تقاوم الواقع المفضوح ، مصادرة هذه المطبوعات ، احتواء الخبر ، علماني كافر كافر كافر .
حالة غريبة ، سقوط مدوي ، ثورة حصرية ، تنطبق على البعض وتقتل البعض الآخر ، نسخ مكررة ، جلابيب جديدة ، تستمر حضور أوجاعنا القبلية والمدنية ، اسطوانة مشروخة يتم ترديدها عند أول مواجهة حقيقية مع الوطن علماني كافر كافر .