لم تعد القوات المسلحة في منأى عن الحداثة والتطور، بل هي والقائمون عليها بحاجة الى انتهاج العلم كعنوان لعهد التطور ولمواكبة التغيير، فالاستقرار الأمني لا يمكن أن نصل اليه في اليمن إلا من خلال اتباع الأساليب العلمية في العمل الأمني لما فيه صالح المجتمع، الذي لا يستطيع أن يلج عهد الدولة القائمة على النظام والقانون إلا باستتباب الامن ونشر السكينة بين افراد المجتمع.
الازمة السياسية التي مررنا بها هي في الاساس اقتصادية، ولهذا لا يمكن لنا أن نتغلب على المشاكل الاقتصادية إلا من خلال جذب المستثمرين، الذين بدورهم لن يأتوا إلينا، إلا اذا وجدوا البيئة الخصبة التي تشجعهم على اقامة مشاريعهم، والأكيد أن مثل هكذا مشاريع تحتاج الى الأمن، الذي بدون وجوده ستظل الازمة تراوح مكانها مع تردي الاوضاع الاقتصادية، ولن تفلح المعالجات السياسية لوحدها في حلحلة الامور.
وكما أكد الأخ الرئيس حين قال: “لقد كان عاملا الاختلال الأمني وضعف أداء السلطة القضائية من أهم أسباب وصول رياح التغيير إلى اليمن، مما أفضى إلى تنامي مفهوم حتمية التغيير في الوعي المجتمعي، وإذا لم نعالج هذه الإشكاليات بأسلوب علمي يتواءم وتطلعات المجتمع في التغيير والإصلاح فإننا سنظل أسيري الماضي غير قادرين على إحراز التقدم صوب صياغة مستقبل اليمن الجديد وغير قادرين أيضاً على استكمال بنود التسوية السياسية التي مثلت المخرج الوحيد والمشرف لجميع الأطراف وجنبت اليمن السقوط في مهاوي الحرب الأهلية الطاحنة التي كانت ستؤدي حتماً إلى التشظي والتشرذم والضياع”.
ولهذا فإن على جميع القوى السياسية كما أكد الاخ رئيس الجمهورية أن تدرك أن العودة إلى الوراء غير ممكنة، ومن يفكر بذلك لا يقرأ المشهد السياسي قراءة جيدة، فعجلة التغيير السلمي التي توجتها الاطراف السياسية بالانتخابات الرئاسية المبكرة قد دارت، ومن الاستحالة بمكان توقفها أو رجوعها للخلف، ولن يكون ذلك بغير تطبيق المبادرة الخليجية والياتها المزمنة وفق ما حُدد لها من غير انتقائية او مزاجية أو اقصاء أو تهميش.
فعلى جميع الأطراف أن تستشعر حساسية الظرف الحالي كما دعا الاخ الرئيس.. فما زال الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي في بلادنا ضعيفاً، وما تزال اليمن بحاجة إلى جهود كل آبناءها الشرفاء لتنفيذ استحقاقات المرحلة المتمثلة في إنجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يعول عليه لصياغة مفهوم جديد وعصري للنظام السياسي للدولة بحيث تحقق تطلعات الشعب في بناء دولة النظام والقانون التي تكفل المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد.
إننا إن ضيعنا هذه الفرصة التاريخية فلن تسامحنا الاجيال القادمة، التي ستدرك جيداً أنه سنحت لنا فرصة حقيقية للعبور بالوطن لوضع افضل مما نحن فيه، ولهذا فإن أمام قيادة الاحزاب السياسية ومنتسبيها فرصة كبيرة لدخول التاريخ من أوسع أبوابه من خلال استثمار حرص المجتمع الدولي على مساعدتنا تحت ظل الوحدة اليمنية، ولما فيه مصلحتهم ومصلحتنا.
*أستاذ مساعد بجامعة البيضاء