إن الشكوى من عدم تلقي المصابين للعلاج، ومن ثم تولي الفرنسيين هذه المهمة، يجعل المرء يسأل أسئلة مشروعة عن مصير أطنان الأدوية والمستلزمات الطبية التي قدمتها سفارات غربية ومنظمات دولية ومحلية ورجال أعمال لما كان يعرف بالمستشفى الميداني ومستشفى العلوم والتكنولوجيا باسم علاج جرحى الثورة السلمية، وعن مصير ملايين الدولارات والريالات التي دفعت تحت هذا المسمى، وعن مصير مئات المنح العلاجية التي قدمتها قطر وتركيا ومصر، وعن مصير أكثر من مليار ريال دفعتها وزارة الصحة لمستشفى العلوم والتكنولوجيا ومستشفيات خاصة أخرى مقابل قيامها بمعالجة المصابين.
قبل أن تتكفل الحكومة الفرنسية بعلاج المصابين كانت المحكمة الإدارية بالعاصمة أصدرت حكما يلزم الحكومة اليمنية بمعالجتهم في الخارج.. ما يعني أن المصابين لم يعالجوا بعد.. فمن هم إذا الذين سافروا للعلاج في تركيا وقطر ومصر باسم جرحى الثورة السلمية؟ وماذا كان دور المستشفى الميداني ومستشفى العلوم والتكنولوجيا والمستشفيات الخاصة الأخرى طيلة الفترة الماضية، وإذا كان المصابون لم يعالجوا إلى الآن فأين ذهبت تلك الملايين والتجهيزات الطبية وأطنان الأدوية، وما الذي قدمته تلك المستشفيات مقابل المليار ريال الذي دفع لها من الخزانة العامة للدولة؟
لقد نشر زميل قبل أيام وثائق عن حالات موثقة لمصابين نقلوا إلى تلك المستشفيات للعلاج على حساب النفقات التي تكفلت بها الحكومة وبعض المنظمات والهلال الأحمر القطري، وبعد علاجهم يفاجؤون أن تلك المستشفيات تطالبهم بدفع تكاليف الرقود والعلاج والمعاينة.
إن ما سبق شيء قليل من كثير يدلل على أن المصابين كانوا مجرد لافته لعملية فساد كبيرة جدا يتوجب على النائب العام التحقيق حولها.
بقي أن نشير إلى أن العدالة تقتضي معاملة المواطنين الذين أصيبوا في جولات العنف التي شهدتها الأزمة السياسية، معاملة متساوية، نقول ذلك لأن ما يتم اليوم بهذا الصدد موجه كله لمصابين من طرف واحد وهذا حقهم بالطبع، بينما الضحايا من الطرف الآخر لا بواكي لهم ولا تشملهم اتفاقيات، فهناك أكثر من خمسمائة مواطن محسوبين على المؤتمر وحلفائه تعرضوا لإصابات جسيمة أثناء الغزوات الثورية، لا يزالون يعانون من إصاباتهم ولم تشملهم تلك المنح والاتفاقيات..