ورغم الحديث عن انفلات أمني على أكمل وجه وبيقظة عالية في ظل هذه الأوضاع الصعبة وهنا لا بد من تقديم الشكر والتقدير والتكريم من قبل الجهات الحكومية المسؤولة ومع هذا هناك قصور وتقصير من قبل الإعلام الأمني الذي يفترض أن يتصدر المشهد الإعلامي انطلاقاً من الشفافية اللازم توافرها في تقديم المعلومات الحقيقية الإعلامية المضللة المستهدفة تشويه الوعي والعقل الاجتماعي وإحداث أو خلق عدم التوازن في المجتمع من خلال خلط الأوراق وإرباك المشهد بحيث يصعب التمييز بين القاتل والمقتول، بين السارق والمسروق وتوجهات وتوجيهات بشأن قيد الكثير إن لم نقل كل القضايا الجنائية الإجرامية من قتل واعتداءات وسرقات وشحنات أسلحة وسلاح ومسلحين وعصابات مليشيات مسلحة ومداهمات غير قانونية.. إلخ تقيد ضد مجهول وفي المجمل كلها أعمال فهلوة سياسية بغرض الإرباك وخلق حالات من الانفلات لتمرير بعض الأجندات الخاصة بهذه الجهة أو تلك من أجل تحقيق السيطرة والهيمنة وبسط النفوذ وما يحدث من أعمال خارجة على القانون وتسريبات معلوماتية في الإعلام السياسي هي لقياس درجة وردود الفعل عليها ومدى القبول أو الرفض السياسي والشعبي لها ولكنها مكلفة من حيث ضحاياها من المواطنين الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل وفي الأول والأخير هي أدوار ولعب سياسية يلعبها الكبار الممسكون بخيوط اللعبة حيث يمكن وصفها بالدوشنة والفهلوة السياسية للمقامرين وأصحاب الشطحات والطيش السياسي الذي لا يهمه سوى الوصول إلى السلطة والاستيلاء على الثروة بغير مسيرة وأهداف الثورة الشعبية الشبابية للتغيير السلمي التي قامت من أجل الحرية والعدالة والمساواة الاجتماعية وذلك لأن هناك من احتوى الصفوف الثورية الحقيقية وسيطر على حركتها بتنظيم وتوجيه مسيرتها نحو تحقيق الغايات والمصالح الخاصة التي تضمنت بقاء الحال على ما هو عليه تحت سيطرة نفوذ قوة القبيلة والعسكر الذين هم أصلاً مكون أساسي للنظام السياسي الذي خرجت الجماهير اليمنية تهتف بأعلى أصواتها مطالبة بإسقاط النظام والشعب هو صاحب المصلحة الحقيقية في ثورة التغيير ومالك السلطة قالها وبصوت عال:” الشعب يريد إسقاط النظام” ولبقاء النظام محافظاً على أركان بقائه وديمومته.
لقد تحول المشهد السياسي في يمن الإيمان والحكمة اليمانية من حديث عن ثورة شبابية للتغيير السلمي إلى أزمة سياسية بين شركاء العملية السياسية وحوارات وتوافقات واتفاق تم التوقيع عليه سمي بالمبادرة الخليجية وآليتها المزمنة على أثرها تنازل الرئيس علي عبد الله صالح عما تبقى من فترة حكمه لنائبه المشير عبد ربه منصور هادي الذي أصبح رئيساً منتخباً لليمن في 21 فبراير 2012م، وقد وصلنا اليوم إلى هذه المرحلة المتقدمة من الحل ونزع فتيل الحرب التي كانت تهدد الوحدة الوطنية وسلمها الاجتماعي الأمر الذي ينبغي من كافة الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية الالتزام بتنفيذ ما عليها من التزامات واجبة التنفيذ والتخلي عن المكايدة والمماطلة أو تعطيل السير السلمي والآمن لتنفيذ المبادرة الخليجية ابتداءً من التهدئة الإعلامية والابتعاد عن المهاترات والتنابز الإعلامي الذي يفرق ولا يجمع ويباعد ولا يقرب.
المرحلة في غاية الصعوبة والتعقيد والحل بيد أطراف العملية السياسية الذين يسيطرون على المال والعسكر فهل يعقلون خطورة الموقف والوضع الذي نحن فيه وهل يمكن أن يكونوا الأدوات الفاعلة للحل؟ ويقدموا كل ما تحت أيديهم من أجل انتصار اليمن وتحقيق المصالح العليا للوطن والمواطن وبقليل من التنازلات من هنا وهناك وغض الطرف عن الأمور البسيطة وتوجيه الإعلام بكافة وسائله ليلعب دوره الإيجابي الوطني الفاعل ليشارك في التقارب والتوافق على طريق إنجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يحقق آمال وتطلعات الشعب في الخروج السلمي إلى بر الأمان بسلام والانتصار لبناء اليمن الجديد المدني الحضاري الحديث.
المهام كبيرة وجسيمة والمخاطر المحدقة باليمن كثيرة إلا أن الأمل أكبر بالشرفاء الوطنيين أحرار وعقلاء اليمن بما لديهم من إمكانيات وخبرات. التعامل مع الممكن وسيكون دورهم فاعلاً وإيجابياً للوصول إلى ما يخدم المصالح العليا للوطن والحفاظ على وحدته الوطنية وسلمه الاجتماعي ومؤشرات النجاح تلوح في الأفق ومجالات الحل والانفراج أصبحت أكثر اتساعاً وفي الإطار الممكن كون المساعي الوطنية تسير في الاتجاه الصحيح والانجازات المحققة على رغم محدوديتها إلا أنها تؤسس لمنظومة التوافقات للحل وبهذا يكون الأمل أكبر وإن غداً لناظره قريب.