ومن المؤكد أن الإساءة للدين والمقدسات الدينية مدعاة للغضب، وإذا كان الأمر كذلك فالإنصاف يتطلب إدانة هذه الإساءات من أي جهة صدرت وأي مقدسات استهدفت بالإساءة. ورغم أني اعتقد بصعوبة الوصول إلى تشريع عالمي أو اتفاقية دولية تجرم الإساءة للمعتقدات الدينية إلا أن احترامها يمكن فرضه من قبل أهل الأديان أنفسهم، بغض النظر عن كون هذه الأديان سماوية أو أرضية، مع العلم أن الأديان التي نسميها نحن المسلمين وضعية أو أرضية، هناك من يعتقد أن لها صلة بالسماء.
إنك عندما تطالب الآخرين باحترام دينك وعدم الإساءة إلى مقدساتك، وعندما تدين من يطلق تصريحا أو رسما أو فيديو مسيئاً لدينك، ينبغي أن تحترم أديان ومقدسات الآخرين كما هي بالنسبة لهم، وتكف عن إطلاق العبارات المعادية لها وتحقير أتباعها. وفي هذا الجانب يعتبر المسلم ملزما باحترام اليهودية والمسيحية والبوذية والأديان الأخرى التي يعتنقها نحو ستة مليار انسان في جهات الدنيا الأربع.
إن رجال الدين في بلداننا أكثر شكوى من الإساءة للدين والمقدسات الإسلامية، وهم في ذات الوقت أكثر إلحاحا في الإساءة والعداوة لأتباع الأديان الأخرى، وهم مصدر التوتر بين المسلمين والمتدينين بالديانات الأخرى، واصبحوا هم- وليس السياسيين والمفكرين- يحددون طبيعة العلاقة بين أهل الإسلام وأتباع سائر الأديان، ولذلك هي علاقة مضطربة.
وفي سبيل هذه العداوة يتم أحيانا التضحية بمسلمات من صميم الدين الإسلامي، فعلى سبيل المثال الدعاء على الآخرين بالهلاك يصادم تعاليم الاسلام، والدعاء إلى الله أن يجعل اليهود والنصارى رقيقا للمسلمين، يتعارض مع تعاليم الاسلام في تحرير البشر من الرق.. لقد حدث مرة أن أصدر المجمع المسكون بالفاتيكان بيانا يشكك فيه أن يكون اليهود هم الذين قتلوا عيسى المسيح، فانتفض مسلمون ينددون ببيان الفاتيكان، بينما القرآن يقرر أن عيسى لم يقتل ولم يصلب بل رفعه الله إليه، فكرههم لليهود جعلهم يحتجون على بيان الفاتيكان الذي ذكر أن لا علاقة لليهود بصلب المسيح.