وهكذا تستخدم الألفاظ لتعطي الدلالات والمعاني التي تعبر عن الموقف السياسي المتقلب مع المناخ.. فحسب موقفك من جماعة أو قضية ما تستخدم الألفاظ التي ترشد إلى المعاني التي تحملها موقفك الذي يعكس وجهة نظرك، وتحاول في الوقت نفسه دفع الآخرين لتبنيها.
فالذين يناصرون المعلمين المضربين هذه الأيام من أجل زيادة الأجور يطلقون عليهم “أصحاب مطالب حقوقية مشروعة” وخصومهم يطلقون عليهم “بلاطجة” يسعون لتعطيل التعليم، في حين كان المعلمون الذين تركوا المدارس وعطلوا الدراسة ورابطوا في الخيام العام الماضي “ثواراً في ساحات الحرية وميادين التغيير “..
خصوم الحراك يطلقون وصف “الحراك الانفصالي” لإضفاء شيء من البشاعة على هذا الخصم، بينما المعتدلون يسمونه كما هو “الحراك الجنوبي”، الحوثي وأتباعه اسمهم الرسمي “أنصار الله”، بينما الإصلاحيون يستخدمون لوصفهم ألفاظا مثل الرافضة والمتمردين والمسلحين الحوثة.
المشترك وشركاؤه استخدموا اللفظ الشنيع “بلاطجة” لوصف ملايين من أبناء الشعب المعتصمين والمتظاهرين المؤيدين للمؤتمر وقيادته، بينما أطلقوا على أنصارهم “ثواراً.. وأحراراً وحرائر”، وبالمقابل استخدم الطرف الآخر الألفاظ التي تعبر عن موقفه من خصمه.
رجال الدين الذين ظلوا يفتون بأن”الاختلاط محرم شرعا”، وبالتالي حرموا خروج المرأة إلى السوق أو إلى العمل، أفتوا بأن نوم النساء في الخيام بجوار خيام الرجال في ساحات الاعتصام “جهاد ومرابطة في سبيل الله” كما قال الزنداني.. فلأن الموقف السياسي لرجال الدين قد تغير حسب الحاجة ترتب عليه تحويل ألفاظ “الاختلاط المحرم شرعا” إلى “جهاد ومرابطة في سبيل الله”..