ويوم السبت الماضي وصلت الشحنة الثانية إلى عدن بعد شحنها من تركيا ومرورها بجدة، وتتكون من 246 قطعة مسدس ربع، و13358 قطعة مفككة لمسدسات متطورة تستخدم في عمليات الاغتيال.. وقيل إن ميزة هذه المسدسات أنها آلية، أي تقذف الرصاص مثل الرشاش الآلي بضغطة واحدة على الزناد، وليس طلقة ثم طلقة، كما أن كل مسدس مزود بكاتم صوت.
ومن المؤكد أن المستورد ليس جهة حكومية استوردت الشحنة بطريقة مشروعة، فلو كانت مشروعة لما ضبطت ولما كانت باسم بسكويت وكيك ولما مرت بموانئ عديدة.. في المرة السابقة في شهر مارس احتجزت شحنة بدبي، وعاود المشترون التجربة هذه المرة إلى عدن، والأمر يدل على رغبة قوية لدى جهة ما في هذه المسدسات فما وراء هذه الرغبة ومن هي تلك الجهة؟
إن الإجابة متروكة للجنة تحقيق قوية ومحايدة، ومع ذلك لا بأس من الإشارة إلى أنه قد ترددت على الألسن أسماء كثيرة خلال الأيام الثلاثة الماضية حول مالك الشحنة، فقد قال رئيس مصلحة الجمارك إن الشحنة تخص التاجر راشد البعداني، وعنوانه صنعاء- شارع حدة ويحمل الرقم الضريبي” 0154069 “.بينما نفت الغرفة التجارية بالعاصمة وجود اسم تاجر مسجل لديها باسم هذا البعداني، فهو اسم وهمي كما قيل، بينما ذكر الاسم نفسه لصاحب محل بيع أدوات كهربائية وزراعية، واتهم إعلام حزب الإصلاح الحراك الجنوبي ومرة الحوثيين، وبالمقابل اتهم الحراكيون والحوثيون حزب الإصلاح، بينما قال آخرون إن مستوردها هو قيادي إصلاحي في عدن استوردها لمصلحة القيادي في حزبه ورجل الأعمال المعروف الشيخ حميد الأحمر، وأشار بعضهم إلى نزول صهره إلى عدن فور افتضاح أمر الشحنة بغرض التوسط للافراج عنها أو لملمة الفضيحة، بينما قال آخرون إن صاحب الشحنة الحقيقي هو قائد الفرقة الأولى مدرع، وهذه كلها تخمينات، واتهامات متبادلة بين الخصوم تحدث في مثل هذه الحالات.
وكما قلنا ، فأمر كهذا متروك للجنة تحقيق قوية ومحايدة، والمهم عندنا هو أن استيراد مثل هذه المسدسات الخطيرة في الظروف التي تمر بها اليمن يؤكد وجود طرف له نفوذ قوي وعلاقات مع مسؤولين مدنيين وعسكريين كبار ركن إليهم عندما غامر بإدخال هذه الأسلحة عبر ميناء عدن، ومن غير المستبعد أن يكون هذا الطرف قد تمكن من تمرير شحنات أخرى بأسماء شركات وشخصيات حقيقية أو وهمية، وبالتالي فإنه يمكن استنتاج أن هذا الطرف يعتزم الإقدام على أمر خطير في المستقبل، وربما هو الذي يقف خلف عمليات الاغتيالات التي راح ضحيتها مدنيون وعسكريون. ومن هنا فإن عملية التحقيق في هذه القضية يجب أن تكون قوية وكاشفة.. ويجب أن يحاط اليمنيون بمعرفة كافية بهذه القضية وملابساتها وأبعادها.