وسنقف اليوم مع شخصية وطنية كان لها حضورها المشهود في الزخم الثوري والنضالي إنه الشيخ الراحل عبدالواحد صلاح أحد أبرز مشايخ مديرية عتمة بمحافظة ذمار واحد أبرز المناضلين في تاريخ محافظة ذمار خاصة واليمن عموماً، حيث تشير سيرته الذاتية إلى أنه من مواليد الثلاثينات وقد درس بالمدرسة العلمية بمدينة ذمار وانتقل بعد الدراسة إلى مسقط رأسه بمديرية عتمة ليمارس عمله قاضياً شرعياً وحينها توفي والده وأسندت المشيخة له نتيجة لسيرته الحسنة والتزامه المشهود وعدله وإنصافه ووقوفه إلى صف المظلومين وقد تعرض لأكثر من محاولة اغتيال في عهد الإمام يحيى نظراً لمواقفه المناهضة للاستبداد ، وبعد تولي الإمام أحمد مقاليد المحكم تم اعتقال الشيخ عبدالواحد صلاح باعتباره أول من قاد المجموعة المؤيدة لقيام دولة دستورية حيث تم نقله بصحبة آخرين إلى سجن مدينة تعز لكي تتم محاكمتهم وإعدامهم، في الوقت الذي صدرت فيه توجيهات الإمام أحمد بهدم منزله، ومرت الأيام وأصدر الإمام أمراً بالعفو عن الشيخ عبدالواحد صلاح ورفاقه ليعود إلى منطقته لمزاولة عمله كشيخ وقاضي شرع، وقد اشتهر بثقافته وغزارة علمه وسرعة الفصل في قضايا النزاعات التي كان أصحابها يتقاطرون إليه أو تلك التي كان يبادر من ذات نفسه من اجل حلها، حتى أنه رفع شعار التغيير وبدأ في توعية المواطنين بأنه لا بد من التغيير نحو الأفضل، غير مكترث بردة فعل الإمام معتبراً ما يقوم به واجباً وطنياً، بعدها غادر إلى القاهرة لدراسة الزراعة وتخرج مهندساً زراعياً وبعد عودته إلى اليمن نقل معه العديد من المشاتل ومنها شجرة العنب وقام بإجراء تجارب على زراعة العديد من الفواكه في منطقة وادي الرحيبة ونجحت هذه التجربة وبدأ في توريد هذه الفواكه إلى مختلف المحافظات قبل الثورة واستمر عدة سنوات قبل أن يقرر السفر إلى عدن حيث درس أساسيات الصحة والطب العلاجي بعدها عاد إلى عتمة لمزاولة مهنة الطب في مركز طبي متواضع خاص به كان يأوي إليه المرضى من مختلف المناطق.
ويحسب له أنه كان يعالج الفقراء مجاناً ويمنحهم العلاج على نفقته الخاصة، وكان من أوائل من رحبوا بثورة سبتمبر وأعلن تأييده لها وكان يصفها بالحلم الكبير الذي تحقق وبعد قيام الثورة قام بمساعدة أفراد الحرس الوطني الذي كان مرابطاً بمناطق عتمة ووصابين لمواجهة ما كان يسمى بالجبهة حيث قام بأدوار نضالية بارزة دفعت الجبهة التي كانت تستمد تمويلها من الحكم الشمولي في عدن في تلكم الفترة إلى نصب كمين له وتم اغتياله في 1979م مسجلاً نهاية تشرئب لها الأعناق فقد سقط شهيداً مدافعاً عن وطنه وقيمه الثورية والنضالية ورغم كل هذا السفر النضالي الزاخر بالبذل والعطاء والتضحية إلا أن شخصية المناضل الراحل الشيخ عبدالواحد صلاح ما تزال مغيبة تماماً ولا يحظى بأي إشادة فما يزال تاريخه النضالي في النسيان والتجاهل في الوقت الذي لا تلمس أسرته أي اهتمام أو رعاية من قبل جمعية أسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية ولا أعلم شخصياً لماذا هذا التجاهل لأسر الشهداء رغم التضحيات التي قدموها للقيام بالثورة والدفاع عنها والذود عن حمى الوطن ومكتسباته العظيمة والخالدة.
إن الحاجة اليوم أصبحت ملحة جداً لتشكيل لجنة وطنية مكونة من الثوار والمناضلين والمؤرخين والأكاديميين لإعادة صياغة تاريخ الثورة اليمنية والعمل على إنصاف الثوار والمناضلين الذين تم تهميشهم في الفترة الماضية والعمل أيضاً على تشذيب تاريخ الثورة وتنقيته من أولئك الدخلاء على الثورة لضمان الوصول إلى تاريخ وطني قائم على المصداقية والإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه دونما إقصاء أو استبعاد ودونما شطحات ومبالغات.
رحم الله الشهيد الشيخ عبدالواحد محسن صلاح وكافة شهداء الثورة وكافة شهداء الوطن ودامت الأفراح والأعياد في يمننا الحبيب.
وإلى الملتقى .. دمتم سالمين.