الإساءات السابقة التي حملتها الرسوم الكاريكاتورية وتدنيس القرآن كانت أكثرها متوهمة، ولكن مواقف الإسلاميين يومها كانت حادة ومتطرفة وتبرر للعنف الإسلامي.. أما هذه المرة فترى مواقفهم فتقول: عجيب.. من أين نزل كل هذا العقل وكل هذا اللطف دفعة واحدة؟.. رغم أن الإساءة الأخيرة أسوأ من سابقتها..
هذه المرة موقف الإسلاميين مختلف لأن الإساءة وقعت في مناخ الربيع العربي، وجاءت من جهة داعمي الربيع..
لأن المسألة فيها ربيع عربي وجه الإسلاميون أشد الإدانات للمسلمين الذين تظاهروا ضد الولايات المتحدة، ووصفوا أفعالهم بأنها ضد الإسلام وأنها جرائم محضة ومشهودة، بدعوى أن المظاهرات فيها عنف جماهيري رغم أن العنف هذه المرة أقل من العنف الذي كان رد فعل لواقعة تدنيس القرآن، الموهومة..
ولأن المسألة فيها ربيع عربي اكتفى الإسلاميون بالنسبة للطرف الآخر (المسيء) بمطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بمحاكمة أصحاب الفيلم بعد أن كانوا في المرات السابقة يفتون بقتل المسيء، وهم يدركون أن محاكمة مثل هذه غير ممكنة، وحتى لو تمت فنتيجتها البراءة لأن ما فعله أصحاب الفيلم سلوك غير مجرم أصلا في الولايات المتحدة..كما طالبوا بوضع تشريع دولي يجرم الإساءة للمقدسات، وهم يعلمون أن ذلك غير وارد لأن كلمة مقدسات عامة ومطاطة، وغير وارد أيضا لأنه يتعارض مع حقوق الإنسان وفي مقدمتها حرية التعبير والتفكير.
ولأن المسألة فيها ربيع عربي استجمعوا عقولهم هذه المرة وقالوا قولا لينا.. قالوا إن نصرة النبي تكون بتجسيد أخلاقه.. إن نصرة الرسول تكون بالمزيد من التوحد ولم الصف.. وقالوا إن منهج القرآن في التعامل مع المسيئين هو ”خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ”!!
ولأن المسألة فيها ربيع عربي فقد تبرؤوا من المظاهرات، بإستثناء الحوثيين الذين فاخروا بأنهم نظموها..
ولأنه ربيع عربي تبرأت أحزاب المشترك من المظاهرات وكأنها لقيط في الشارع.. وأصدر «الثوار» بيانات ينفون فيها علاقتهم بالمسيرات ويحملون من دعا إليها مسؤولية ما سيترتب عليها من عنف. وهناك من استغل حوادث العنف والسلب والنهب لينسب المظاهرات للمؤتمر الشعبي والنظام السابق.