ولم تكن هذه المتطلبات التي توصلت إليها اللجنة الفنية للحوار محض صدفة بل هي نتيجة مشوار من الجهد المضني للنخبة اليمنية التي تمثل الشخصيات الماهرة التي تمتلك الكثير من الخبرات السياسية والثقافية وقدرات شخصية كبيرة في إمكانية التعامل مع فن الممكن وحقا استطاعت اللجنة الفنية للحوار الولوج إلى الأعماق البعيدة للمشاكل والمعضلات التي تواجه الوطن والمواطن للبحث العلمي والمنطقي في القضايا والهموم الوطنية والتشخيص الدقيق للواقع اليمني كما هو عليه بكل آلامه وأوجاعه، وجوانب القصور فيه والبحث في ماهية الأسباب العارضة والمنتجة للوضع المأزوم الذي وصلت إليه اليمن والتهديدات المحدقة بالوطن وسلمه الاجتماعي.
وبالتالي كانت النتائج طيبة فيما توصلت إليه في تحديد أهم المتطلبات الأساسية اللازم توافرها والمساعدة لإنجاح مؤتمر الحوار الوطني كعوامل تقرب كثيراً بين الرؤى المختلفة حول القضايا الوطنية الخلافية وهي خطوة في الاتجاه الصحيح جاذبة ومشجعة في إثبات المصداقية للأهداف والغايات الوطنية المرجوة من انعقاد المؤتمر الوطني للحوار، والمسؤولية الوطنية التي تقع على عاتق كافة القوى السياسية الوطنية بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها السياسية والايديولوجية هي البحث عن الحلول والمعالجات المناسبة للخروج من الأزمة التي تهدد بانهيار الدولة، والعمل على تجنيب اليمن الانزلاق في المخاطر الصعبة التي لا تحمد عقباها وهي بالتأكيد عواقب كارثية ستطال القاصي والداني والكبير والصغير.
لهذا فأن الأمر يستوجب الكثير من العقلانية والصبر في التعامل وضرورة القبول بالآخر والأمر الواقع تحاشياً من الدخول في الصدامات والصراعات التي لن تجلب سوى المزيد من التعقيد ما لم تقم كافة الأطراف والقوى السياسية الفاعلة بتنفيذ ما عليها من التزامات واردة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وتعمل على تقديم المساعدة للخروج السلمي والسلس من الأزمة التي تعيشها بلادنا والحفاظ على الوحدة الوطنية والابتعاد عن المماحكات والمكايدة السياسية وتجنب جر البلاد والعباد إلى أتون حرب أهلية يصعب السيطرة عليها لا سمح الله.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة والمعقدة فإنه ينبغي على حكومة الوفاق الوطني استنفار إمكانياتها للعمل كرجل واحد بمزيد من الجهد وتكاتف الجهود والطاقات لإنجاز ما هو أهم في هذه المرحلة التي فيها الكثير من التحديات والصعوبات حيث تعد من أولوياتها المهمة تكريس الأمن والاستقرار ورفع الجاهزية واليقظة الأمنية للمؤسسات والأجهزة الأمنية والقائمين عليها، إضافة إلى ايلاء الكثير على الاهتمام للدور الإعلامي المهم في هذه المرحلة الحساسة وإبعاده عن السياسة ليؤدي دوره ورسالته بالكثير من المهنية في نقل الوقائع والأحداث كما هي عليه من أرض الواقع بعيداً عن التضليل والتزييف للحقائق احتراما للعقل والوعي الاجتماعي بمزيد من التوجيه الإيجابي والإشراف على الأداء الإعلامي لتقديم رسالته بمهنية عالية يلتزم فيها آداب وأخلاقيات المهنة بحيث يكون حياديا صادقا شفافا ينتزع مكانته ويثبت جدارته الوطنية واقتداره في الاشتراك المهني الرفيع بعيداً عن التحريض وإثارة الفتن والخلافات والصراعات السياسية والطائفية والمذهبية والمناطقية لما يحقق الحل للأزمة اليمنية الراهنة.