ولهذا فإن من يريد التغيير عليه في البداية إنصاف الآخرين وعدم هضم حقوقهم، ومنهم أعضاء حكومة الوفاق الوطني التي أتت في وقت عصيب، وغاية في التعقيد، ولهذا فمن حقها على المواطنين أن يعذروها إن حصل تقصير خلال المرحلة الماضية، وبالمقابل من حق المواطن البسيط الإحساس بأن حكومته تمثل فعلاً الوفاق الوطني من خلال ابتعادها عن المناكفات السياسية والخطابات غير التوافقية، التي تهدم ما تم بناؤه خلال الأشهر الماضية.
فعلاً كما قال رئيس الجمهورية مخاطباً الحكومة : «ها أنتم اليوم قد تجاوزتم أعقد مرحلة في تاريخ اليمن المعاصر وتخطيتم أصعب المراحل وأمامنا جميعا اليوم مهمة وطنية كبيرة يجب أن نبذل أقصى الجهود جميعا من اجل تهيئة الاجواء والمناخات لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل ولهذا الشان الكبير نود أن تنتهي كل العقد والرواسب من أجل أن تدور العجلة إلى الأمام، عجلة التغيير مضت بقوة صوب المستقبل المنشود ولن تعود إلى الوراء».ولهذا وبعد التضحيات البشرية والاقتصادية والاجتماعية التي قدمها اليمن من الصعب التفكير بالعودة الى ما قبل اندلاع الأزمة وما قبل الانتخابات الرئاسية-التي سلم فيها الرئيس السابق السلطة في أجواء قلما نجدها في الوطن العربي- والذي يفكر في ذلك إما يريد أن يقود اليمن إلى الحرب التي كانت تدور رحاها، وإما يقود نفسه للانتحار تحت عجلات قاطرة التغيير التي لن تعود بحول الله وقدرته للوراء، وكما قلت يوم صدور القرار الأممي الشهير 2014 أصبح التغيير فرضاً أُممياً وليس مجرد حل داخلي، وما عزّز ذلك هو القرار الجديد رقم 2051 الذي لن يسمح لأحد بعرقلة التغيير السلمي في اليمن.
صحيح أننا لم نصل بعد الى ما نصبوا إليه جميعاً، ولكن علينا أن نقارن بين وضعنا الآن وبين ما إذا لم نلتف حول المبادرة الخليجية، لم يكن لدينا خيار سوى الحرب، ولهذا فما دون الحرب هو إنجاز، والحمد لله أن موقعنا وظروفنا وتركيبتنا جعلت العالم يفكر في حل قضيتنا أكثر منا، وقد لا يكون ذلك حباً فينا، ولكن من أجل أمنهم ساعدونا، وما علينا إلا اقتناص الفرصة لنعبر بهم نحو التغيير المنشود، فالذي سيرفض التغيير سيجد العالم خصماً له وستكون القرارات الأممية من نصيبه.
الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه سئم تلون وتقلب النخب السياسية على المصالح الفردية التي لا تتعدى المناصب والامتيازات، وما دون ذلك فليذهب المواطن للجحيم، المعادلة هذه المرة اختلفت فما يريده المواطن سيتحقق بعصا إقليمية ودولية، ولذا فأي تلكؤ في تطبيق التغيير لن يفسر على أنه تراخٍ بل سيفسر على أنه تمرد على القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، والذي يرى في نفسه أنه أقوى من مجلس الأمن، ما عليه إلا مخالفة إرادة الشعب في التغيير الشامل والكامل، والتي ستكون مراقبة عبر مكتبي الامم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي اللذين سيشرعان بالعمل في العاصمة صنعاء للرقابة المباشرة ولفضح المعيق الحقيقي للتغيير.
التغيير لا يحتاج إلى التمديد، لسبب بسيط، كون التمديد في كثير من الأمور طيلة السنوات الماضية هو الذي قادنا إلى حتمية التغيير، وهو ما استشعرته القيادة السياسة السابقة، والتي أسهمت في الوصول إلى ما نحن فيه من خلال العمل التوافقي والسير بالتغيير في إطار سلمي جنب الوطن ويلات دمار ما زلنا نشاهده في العديد من البلدان العربية.. ولهذا أكد الرئيس هادي أن لا نية لدية في التمديد كما يروج بعض الذين لا يتمنون لتغييرنا النجاح.. ولذا فليس أمامنا سوى مناقشة قانون الانتخابات -الجديد- وإصلاح السجل الانتخابي بعد تشكيل اللجنة العليا للانتخابات..
والتغيير لن يتم إذا لم نشرع في الحوار الوطني الذي سيرتكز على المصالحة القائمة على الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبت في جميع المناطق، فإن شكل الحكم الجديد سيحدده الدستور الذي لن يتم إعداده إذا لم يلتئم الحوار الوطني.. ولهذا فإن البوابة الرئيسية للتغيير هي أن نلج كلنا من باب الحوار الوطني الذي لن يستثني أحداً من الذين يؤمنون بأن قدر الأمة أن تظل موحدة.
الخطاب في مجمله كان جريئاً من حيث التوقيت أو الطرح أو الجهة التي أُلقيَ أمامها، ففيه من الوعيد والترهيب للمعاندين، وفيه من الترغيب للمنصاعين، ولهذا فإن صداه سيصل إلى جميع الآذان حتى تلك التي تتعمد الصمم، فلا صمم بعد اليوم بل تصميم من أجل التغيير.