إن الليبراليين وكذلك العلمانيون اليمنيون كثر، ولكن فعاليتهم معدومة لأنهم مبعثرون هنا وهناك، أو ليسوا على كلمة سواء كما يقال، وهذا صحيح، ويتعين عليهم أن يتركوا التردد والخوف وينظموا أنفسهم في كيان سياسي، ونتمنى أن يكون الشباب قد « قدحوا الزند» بداية هذا الطريق إن لم يكن الحزب القادم هو الكيان السياسي المطلوب.
قبل الحكم على الفكرة لا بد من إتاحة الفرصة أمام هؤلاء الشباب لكي يثبتوا جديتهم، وقبل ذلك لكي يظهروا أنهم عند مستوى الخطوة الجديدة والجريئة التي يقدمون عليها. وهي بنظري الثمرة الوحيدة المفيدة التي ستجنى من ساحة طالما ظلت عنوانا للاستبداد بكل أشكاله.. فلم تكن الساحة وما يسمى الثورة سوى طاغوت كلي الجبروت وكهنوتية جديدة دينية وعسكرية وقبلية اقترنت بالقول والفعل مع تزييف الوعي وضد الديمقراطية والمساواة وحرية الفكر والاختيار والاعتقاد.
إذا كان هؤلاء الشباب والشابات ليبراليين حقا، وإذا كانوا قد عزموا على أن ينشئوا أول حزب ليبرالي صريح في اليمن ومن أجل اليمن، فينبغي أن يدركوا أنهم سوف يلقون مقاومة ولذلك عليهم أن يدركوا أن الليبرالية هي طريقة مميزة في التفكير وليست نظاما سياسيا، وعليهم أن يكونوا مسلحين بالوعي والثقافة اللازمتين للعمل وبلورة الفكرة وإيضاحها وصياغة برنامج الحزب وفقا للفكر الليبرالي وبوضوح، فكل جديد في اليمن وفي الوطن العربي يلقى مقاومة عادة لأن الناس طبعوا على مقاومة الجديد وغيرالمألوف وغير المعروف..
أقول لهؤلاء الشباب: سيقولون عنكم كل شيء لكي يجعلوكم تشعرون كأنكم غرباء، ولكي تتخلوا عن مشروعكم.. سيقولون: علمانيين ولا دينيين ومتغربين ودعاة تبرج وما دون ذلك وما بعده، لذلك عليكم أن لا تتهيبوا وأن لا تترددوا وأن تعملوا لمشروعكم حتى النهاية، وترموا بكلام الآخرين عرض الحائط.
كما ينبغي عدم الفصل بين الحزب الليبرالي والثقافة الوطنية التي تتوافر على مخزون هائل في هذا الجانب أهملته كل الأحزاب السياسية، ويتعين أن يستثمره الليبراليون ويطوروه عبر مشروع ثقافي ليبرالي متكامل.. ونحن لا نتحدث هنا عن الأصنام التي يسمونها مرجعيات ثابتة ومقدسة، بل نتحدث عن مركبات ليبرالية في الثقافة الوطنية التي أنتجها اليمنيون عبر العصور وصولا إلى عصر هؤلاء الشباب أنفسهم.