ولسبب ما يتعرض له الإنسان في حياته من ألوان الابتلاء في نفسه أو ماله أو عزيز له تتأرجح النفس بين ظلام اليأس ونور الأمل، ولو ترك الإنسان أمام هذه الشدائد يعاني ويلاتها وتنازعه عوامل القلق والاضطراب، وتنوشه سهام الجزع والقنوط دون أن يشد أزره بتوجيه إلهي يؤمن به، ويثق بعدله، ويطمئن إليه لخارت قواه، ولسقط صريعاً، ثم لم يعد ذلك الإنسان الذي اختبر للخلافة في الأرض، وحمل الأمانة الكبرى التي عرضت على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان.
ومن ثم فإن الإسلام الحنيف نجده يبدد ظلام اليأس في نفس الإنسان، ويفتح أمامه باب الأمل، في رحمة الله التي وسعت كل شيء، ويرخي في قلبه السكينة والاطمئنان، ويوحي إليه بالصبر والثبات واحتمال تحديات الحياة وظروفها القاسية، كي ينعم بعد ذلك بالراحة الدائمة، والنعيم المقيم الذي جعله الله خاتمة التجربة والابتلاء.
قال تعالى: “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب” (الزمر 15) وقال تعالى: “وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون” (البقرة 155، 157).
وبعد، إذا كان ديننا الإسلامي الحنيف يحرم الانتحار الفردي تحريماً قطعياً، لأنه يؤدي إلى إزهاق روح واحدة، وهي روح المنتحر نفسه الذي أقدم على الانتحار متحدياً بذلك الإرادة الإلهية. فكيف بمن يقدم على القيام بعملية انتحارية يذهب ضحيتها عشرات من الأشخاص الأبرياء، بمن فيهم المنتحر نفسه، بذريعة التخلص من الأعداء أو الخصوم السياسيين، أو بذرائع أخرى، فيما يسمى بالعمليات الاستشهادية التي هي في حقيقتها عمليات انتحارية محرمة، تندرج ضمن ما يعرف بالإرهاب، الذي يتنافى مع مبادئ الإسلام وقيمه السامية، فالإسلام بمبادئه السامية هو العدو الأول للإرهاب، لأن “المسلم من سلم الناس من لسانه ويده” والمسلم “ليس بطعان ولا لعان ولا خائن ولا غدار” فهذه المسالك الخسيسة ينفيها الإسلام ويحاربها بضراوة، لأنها مسالك تؤدي إلى الإرهاب.
خطيب جامع الهاشمي بالشيخ عثمان