.jpg)

.jpg)
الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
أحبط الجيش والقوات المشتركة والمساندة الأخرى هجوماً جديداً لقوات "الدعم السريع" على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، استبقته بقصف مدفعي مكثف استهدف القيادة وأحياء المدينة لتمهيد هجوم من المحورين الشمالي والشرقي في محيط منطقتي الزريبة ومدرسة دارفور الثانوية. وكشف بيان الفرقة السادسة - مشاة للجيش، عن تسلل قوة مشاة من "الدعم السريع" إلى محيط مدرسة القيادة بهدف الوصول إلى مقر الفرقة السادسة. وأكد البيان التصدي للقوات المتسللة وتكبيدها خسائر فادحة في الأرواح بقتل العشرات بينهم قادة بارزون، وتدمير مجموعة من المركبات والعتاد، بينما فر من تبقى باتجاه جنوب المدينة.
في المقابل قالت "الدعم السريع" إن قوات "تأسيس" في إشارة إلى القوات الأخرى المتحالفة معها في القتال داخل الفاشر من حركتي الطاهر حجر (تجمع قوى تحرير السودان) والهادي إدريس (حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي) باتت على تخوم مقر قيادة فرقة الجيش بالمدينة. وأوضحت على منصاتها بوسائل التواصل الاجتماعي أن قواتها أجلت الفوج رقم 65 من المدنيين المغادرين من المدينة وقدمت لهم المساعدة للوصول إلى مناطق آمنة.
مع تفاقم الوضع الإنساني وتصاعد حدة المواجهات والقصف شهدت الفاشر أكبر موجة نزوح منذ بدء المواجهات بفرار مئات الأسر النازحة باتجاه منطقة طويلة يومي السبت والأحد الماضيين. وأوضح المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين آدم رجال أن المنطقة استقبلت مئات آلاف النازحين الفارين من الفاشر ومعسكراتها والمناطق المجاورة لها، في ظروف إنسانية بالغة القسوة والصعوبة قضت خلالها طفلتان عطشاً أثناء الرحلة الطويلة الصعبة والمرهقة. وقال رجال "التصعيد العسكري المستمر وانعدام الغذاء والدواء ومياه الشرب وكل أسباب الحياة في الفاشر دفعت بالمنسقية إلى الطلب من النازحين بمعسكرات الفاشر إلى مغادرة المدينة".
وكانت منظمة الهجرة الدولية قد كشفت عن انخفاض عدد سكان الفاشر بنسبة 62 في المئة بسبب الحرب، وتضاعف عدد النازحين في منطقة طويلة ثلاث مرات متجاوزاً 600 ألف نازح خلال عام واحد.
ومنذ مايو العام الماضي تفرض "الدعم السريع" حصاراً خانقاً على مدينة الفاشر تسبب في انعدام السلع والإمدادات الغذائية والدوائية، مما دفع المواطنين إلى تناول جلود الأبقار في الفترة الأخيرة، في وقت تواصل هذه الجماعة قصفها المدفعي والمسير وهجماتها البرية على المدينة من دون توقف.
في الأثناء واصل طيران الجيش السوداني غاراته الجوية على مواقع "الدعم السريع" في مدينتي الجنينة بغرب دارفور وغرب الفاشر في شمال دارفور. وشنت مقاتلات ومسيرات الجيش هجوماً جوياً هو الأعنف من نوعه خلال الأسابيع الأخيرة، استهدف مناطق عدة داخل مدينة الجنينة التي تسيطر عليها "الدعم السريع" منذ الأشهر الأولى للحرب.
ووفق مصادر عسكرية فإن الضربات الجوية استهدفت بصورة مباشرة مقر حكومة الولاية (الإدارة المدنية) التابعة لـ"الدعم السريع"، فضلاً عن تدمير مخازن للذخيرة ومركز للقيادة الميدانية كانت تستخدمه الجماعة لتنسيق هجماتها ضد المدنيين والقوات النظامية ومجموعة من الآليات العسكرية. وفق المصادر أيضاً، وجه الطيران المسير للجيش ضربات جوية استهدفت تجمعات وحشود "الدعم السريع" بمنطقتي الزرق وسرف عمرة، كانت تتأهب لمهاجمة منطقة أبو قمرة، التي استعادتها القوات المشتركة قبل يومين.

من جانبه دان مجلس وزراء حكومة "تأسيس" الموازية بقيادة "الدعم السريع" ما وصفه بالانتهاكات السافرة واستهداف المدنيين عبر هجمات الطيران المسير للجيش على المناطق المأهولة والأسواق والمنشآت المدنية بشمال وغرب دارفور. وأشار في بيان إلى أن سلسلة الهجمات المسيرة استهدفت المواطنين الأبرياء في مدينة الجنينة بغرب دارفور، كما طاولت الغارات مجدداً ضاحية الزرق وسوق منطقة سرف عمرة بولاية شمال دارفور، مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين العزل معظمهم من النساء والأطفال.
في محور كردفان ومنذ حادثة قصف طائرة مسيرة اجتماع القيادات الأهلية لقبيلة "المجانين" بمنطقة المزروب بشمال كردفان التي تسيطر عليها "الدعم السريع"، تشهد الولاية توتراً أمنياً ويشكو السكان من انتشار واسع لعناصر مسلحة تتبع "الدعم السريع"، وقالت غرفة طوارئ دار حمر إن الأخيرة نفذت عمليات نهب وترويع واسعة في منطقة عيال بخيت التابعة لمحلية الخوي بولاية غرب كردفان، عقب انسحابها من سوق المزروب خلال اليومين الماضيين. وبحسب الغرفة، فإن هذه الجماعة قامت بنهب ممتلكات المواطنين ومخازن السلع التجارية وعدد من المركبات، قبل أن تقدم على اختطاف أحد التجار مطالبة بدفع فدية مالية ضخمة مقابل إطلاق سراحه، وسط حال من الهلع والنزوح بسبب الاعتداءات المتكررة.
وحذرت غرفة الطوارئ من أن استمرار هذه الانتهاكات يهدد الأمن والاستقرار في الولاية، مطالبة السلطات المحلية والقوات النظامية بالتدخل العاجل لتأمين المواطنين والمناطق الريفية الواقعة بين المزروب وعيال بخيت.

في السياق أوضح المراقب العسكري إسماعيل يوسف أن فشل "الدعم السريع" بإسقاط الفاشر كلياً وعدم تمكنه من السيطرة على مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان وعدد من المدن الكبرى والنقاط الاستراتيجية الأخرى في كل من دارفور وكردفان، جعل معاركه تدور في مناطق هامشية وسط البلدات والقرى، وتتسبب في نزوح وتشريد معظم السكان من دون تحقيق مكاسب عسكرية حقيقية تذكر. لذلك بحسب يوسف، "لا يبدو أن 'الدعم السريع' قريبة من تحقيق انتصاراًت كبيرة ذات مغزى ما دام قواتها مبعثرة من دون أن تكون لها استراتيجية وخطط هجومية واضحة". وأضاف المراقب، "سيطرة الجيش على المدن والتقاط الحيوية في كردفان، تمكنه من تعزيز وجوده العسكري فيها كمنطلقات استراتيجية تعزز من فرصه في التقدم أكثر بالمعارك خلال الفترة المقبلة، بخاصة بعد انتقال الحرب إلى دارفور وكردفان، وأصبح الوسط، بما فيه العاصمة الخرطوم والشمال والشرق، آمناً بدرجة كبيرة". ولفت يوسف إلى أن تحالف الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو مع "الدعم السريع"، "يبدو بلا فاعلية حتى الآن، إذ لم يضف إلى 'الدعم السريع' أي أفضلية عسكرية سواء في دارفور أو جنوب كردفان معقل الحركة، بل تكاد الحركة تتحول إلى عبء ثقيل على كاهل 'الدعم السريع' كما يحدث الآن في الفاشر".