تأتي الذكرى الثانية والستون لثورة الرابع عشر من أكتوبر زاهية بالمضامين التي حملتها، وبالأهداف العريضة التي رسمتها، وبالإنجازات العملاقة التي حققتها، وبالإرادة التي جسدتها في مسيرتها التحررية، وقرابين الشهداء الذين سقطوا انتصارا لقيمها وأهدافها خلال أربع سنوات من الكفاح المسلح توجت بانتزاع الاستقلال الوطني المجيد في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م، إيذانا بميلاد الدولة على أنقاض ماض من التشظي وطي صفحة الإمبراطورية البريطانية، والانعتاق من الاستعمار والاستبداد وبناء دولة المؤسسات والنظام والقانون.
تتزامن ذكرى ثورة 14 أكتوبر المجيدة مع ذكرى تأسيس الحزب الاشتراكي السابعة والأربعين، ومن باب الإنصاف للتاريخ لابد لنا من القول إن الاشتراكي كان قائد تحولات الثورة التاريخية والسياسية والثقافية والاجتماعية، وحاكم دولة جمهورية اليمن الديمقراطية التي حققت كثيرا من الإنجازات وأرست مداميك النظام والقانون والمواطنة المتساوية، وقدمت خدمات التعليم والتطبيب مجاناً، وقضت على الأمية والثارات، وحققت العدالة الاجتماعية، وقدمت تجربة فريدة على كافة المستويات.
إن الجنوب وهو يعيش اليوم خضم ثورته الثانية يستلهم الدروس والعبر من ثورته الأولى على طريق مسيرته التحررية واستعادة دولته بحدود ما قبل العام 90م، والذي قدم من أجل ذلك تضحيات جسيمة وقوافل من الشهداء منذ حرب 94م القذرة وإلى اليوم، ولا يزال أبطال شعبنا مرابطين في الجبهات في مواجهات مستمرة ضد مليشيات الحوثي، وفي معارك الشرف ضد الإرهاب وأدواته وداعميه، يذودون عن الجنوب ويدافعون عن كل المنجزات التي تحققت.
لقد ا ختار شعبنا طريقه محمولا على أكتاف التضحيات الكبيرة ودماء الشهداء وهو الطريق الذي لا رجعة عنه إلا بتحقيق تطلعات شعبنا وأهداف الثورة. ولتكن احتفالات شعبنا بذكرى أكتوبر تعبيرا حقيقيا عن مدى الارتباط الوثيق بالتاريخ والوفاء لدماء الشهداء والمناضلين، ومعا على طريق الحرية واستعادة الدولة.
رحم الله الشهداء، والمجد للثورة، وكل عام ووطننا الجنوبي بخير.