"الدعم السريع" تستهدف بمدفعيتها الثقيلة ومسيراتها مقر الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني

الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
في وقت كثف الجيش السوداني توغله في مناطق عدة بإقليم كردفان وسط معارك ضارية ومستمرة في أكثر من محور، لكن منذ استعادته مدينة بارا بولاية شمال كردفان من قبضة "الدعم السريع" في 11 سبتمبر الجاري وما حولها وإحكام سيطرته على طريق الصادرات الرابط بين ولايتي الخرطوم وشمال كردفان، بات الطريق أمام الجيش سالكاً للتقدم غرباً وجنوباً في ذات الولاية.
وبحسب مصادر عسكرية، فإنه من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة اندلاع معارك فاصلة وحاسمة بين الطرفين، باعتبار أن التقدم والتمدد في مساحات واسعة في هذا الإقليم (كردفان) يعني العبور بكل يسر وسهولة إلى إقليم دارفور الذي تسيطر "الدعم السريع" على أربعة من ولاياته الخمسة.
وأشارت المصادر إلى أن الجيش والقوات المساندة له من الحركات المسلحة والمستنفرين أكثر استعداداً للمعارك المقبلة، في حين تشهد الأجزاء الجنوبية من ولاية شمال كردفان معارك مستمرة بين طرفي الحرب، بيد أن الهدف القادم للجيش بسط سيطرته على منطقة جبرة الشيخ لموقعها الحيوي والاستراتيجي.
وأفادت المصادر ذاتها بأن "الدعم السريع" بدأت في استجماع قواتها تحسباً للمواجهات المقبلة في محاور كردفان المختلفة، وهو مؤشر إلى أن هناك فصلاً جديداً من المعارك في هذا الإقليم.
وتسببت المعارك المحتدمة في هذا الإقليم خصوصاً بعد اجتياح "الدعم السريع" مناطق عدة في شمال كردفان وغربها إلى نزوح واسع، بعضهم تقطعت بهم السبل في القرى، والبعض الآخر وصل إلى مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، حيث يعيشون في ظل أوضاع إنسانية قاسية.
ووفقاً لمفوض العون الإنساني في ولاية غرب كردفان المنا دفع الله، فإن عدد النازحين في المناطق الآمنة بشمال كردفان بلغ 32,745 أسرة تقيم في أربعة مراكز إيواء والمجتمع المستضيف.
وأوضح دفع الله أن هناك 42 ألف أسرة أخرى عالقة بمحليات الولاية المختلفة، في حين جرى تهجير 41,275 أسرة إضافية من قراهم، مشيراً إلى أن جميع هذه الأسر في حاجة إلى تدخلات إنسانية فورية في مجالات الغذاء والدواء والكساء والإيواء.
في محور دارفور، تواصلت أمس السبت المواجهات بين الجيش وحلفائه ضد قوات "الدعم السريع" في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وبحسب مصادر ميدانية، فإن الاشتباكات بين الطرفين اندلعت في المحور الشمالي الغربي، إذ سمع دوي انفجارات قوية وأصوات أسلحة ثقيلة لساعات عدة قبل أن تتوقف مع مغيب الشمس.
وأفادت تلك المصادر بأن "الدعم السريع" استهدف بمدفعيته الثقيلة وطيرانه المسير مقر الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش والأحياء السكنية الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من المدينة.
ويأتي استمرار هذه المواجهات بعد يوم واحد من هجوم دام نفذته إحدى المسيرات الانتحارية استهدف مسجداً بحي الدرجة الأولى راح ضحيته 75 شخصاً كانوا يؤدون صلاة الفجر.
في الأثناء، طالبت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر بتحرك فوري وعملي لكسر الحصار الذي تفرضه "الدعم السريع" على المدينة منذ أبريل عام 2024.
وقالت التنسيقية في بيان، إن "سكان الفاشر يعانون منذ أشهر شح الغذاء، وانعدام الدواء، وانقطاع الاتصالات، وترد إنساني لا يحتمل"، محذرة من تفاقم الكارثة إذا ما استمر الانتظار على البيانات والنداءات من دون إجراءات ميدانية فعلية.
وتابع البيان أن "فك الحصار لا ينجز بالمناشدات أو المبادرات بل بلغة القوة"، داعياً إلى تحريك المتحركات وتفعيل الطائرات وتسيير المسيرات وضرب تجمعات العدو أينما تحرك أو تمركز، فضلاً عن دعوة كل من يملك القدرة إلى المساهمة بالمال أو بالسلاح أو بالكلمة الصادقة لكسر الحصار، إذ إن الفاشر "لا تحتمل مزيداً من الانتظار"، على حد قوله.
وحذر البيان من تكرار سيناريوات إنسانية مأسوية إذا استمر التخاذل، مؤكداً أن الحل واحد هو كسر الحصار بالقوة ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء كامل إدريس نيته طرح قضية حصار الفاشر على الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال قيادته وفد بلاده إلى اجتماعاتها التي ستبدأ الأسبوع الجاري بنيويورك.
وناشد إدريس، خلال مخاطبته بدء أعمال اللجنة الوطنية لفك الحصار عن الفاشر، الجمعية العامة للأمم المتحدة العمل على فك الحصار عن المدينة، مبيناً أنه سيخاطبها (الجمعية العامة) خلال الأيام المقبلة، وأن أهم القضايا التي أثيرها ستكون فك الحصار. وأفاد بأنه يتواصل مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لاستنفار طاقته وقوته الأخلاقية لفك الحصار على المدينة.
وطالب المجتمع الإقليمي والدولي ومجلس الأمن الدولي بتحمل واجباته والالتفاف حول مبادرة فك الحصار على الفاشر، منتقداً الصمت الدولي على تطاول أمد الحصار.
وأردف رئيس الوزراء "نعاهدكم بأن نعمل كل ما في وسعنا وجهدنا لفك الحصار على الفاشر الذي سيكون قريباً، وستظل المدينة عصية على الغزاة".
وتنشر قوات "الدعم السريع" آلاف المقاتلين في القرى المحيطة بالفاشر بعد تهجير سكانها، لمنع وصول السلع والإغاثة والأدوية إلى المدينة، من دون التواني عن قتل أي شخص تعتقد أنه يعمل على توصيل الغذاء إلى المدينة على ظهر الدواب.
وأدى الحصار إلى انعدام السلع، إذ بات معظم السكان يعتمدون على الأمباز (علف الحيوانات) في الغذاء، فيما أجبر نقص الأكفان على دفن ضحايا قصف "الدعم السريع" بالأكياس البلاستيكية.
ودمرت "الدعم السريع" محطات المياه والمرافق الصحية في الفاشر، تزامناً مع ارتكابها انتهاكات وحشية شملت القتل الجماعي والقتل على أساس عرقي والعنف الجنسي والتهجير القسري واحتلال المنازل والهجوم على مخيمات النزوح ومراكز الإيواء.
صحياً، حذرت منظمة أطباء بلا حدود من تزايد ملحوظ في حالات الإصابة بحمى الضنك في ولاية الخرطوم، إذ تنذر الأوضاع الصحية الراهنة بتفاقم الأزمة إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة للحد من انتشار المرض.
وأشارت المنظمة في بيان إلى أن تفشي المرض يجد بيئة مواتية في المنازل المهجورة والمجاري المسدودة وانقطاع إمدادات المياه التي تدفع السكان إلى تخزين المياه بطرق غير آمنة، مما يسهم في تكاثر بعوض الزاعجة المصرية الناقل للفيروس.
وبينت المنظمة أن ضعف وسائل التشخيص والضغط الشديد على المستشفيات يعوقان جهود الاستجابة، لافتة إلى ضرورة تكثيف حملات مكافحة البعوض وتفعيل برامج التوعية الصحية، فضلاً عن الإسراع في افتتاح مراكز علاجية متخصصة للتعامل مع الزيادة الحادة في الحالات.
وطالبت "أطباء بلا حدود" جميع الأطراف الفاعلة في القطاع الصحي من سلطات محلية ودولية ومنظمات إنسانية بالتحرك الفوري، معتبرة أن التأخير في الاستجابة قد يضاعف من حجم المعاناة ويهدد بانتشار واسع النطاق للمرض.
وسبق أن حذرت منظمة الصحة العالمية في تقارير سابقة من أن السودان يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الصحية في تاريخه، إذ أدى النزاع الدائر حالياً في البلاد إلى خروج نحو 70 في المئة من المرافق الصحية عن الخدمة، مما يجعل السيطرة على أوبئة مثل حمى الضنك أكثر صعوبة.
إقليمياً، يعتزم الاتحاد الأفريقي إجراء مشاورات بين القوى السياسية السودانية في الفترة من 6 إلى 10 أكتوبر المقبل، بهدف تعزيز الوحدة بين السودانيين، وإعداد الأرضية لحوار سوداني– سوداني شامل، والانتقال السياسي إلى نظام دستوري بقيادة مدنية.
ويشارك في هذه المشاورات الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة (إيغاد)، فضلاً عن مجموعات القوى المدنية السوداني التي تشمل تحالفات (صمود، وتأسيس، والكتلة الديمقراطية)، إضافة إلى مجموعة من الأحزاب من بينها الحزب الشيوعي، والبعث، والاتحادي الأصل، ومجموعات وقوى مدنية أخرى.