معارك عنيفة بين طرفي القتال بشمال كردفان وضربات جوية عنيفة على في منطقة كازقيل

.jpg)


الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
لم يمنع هطول الأمطار بغزارة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور استمرار المعارك الضارية بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، إذ دارت مواجهات عنيفة بين الطرفين في أنحاء عدة من المدينة بخاصة المحور الجنوبي استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، فضلاً عن تبادل القصف المدفعي بصورة مكثفة ومتواصلة، وشنت مسيرات الجيش غارات جوية على مواقع "الدعم السريع"، مما أدى إلى توقف توغل الأخيرة وتراجعها عن مناطق سيطرتها في هذا المحور.
ووفقاً لمصادر عسكرية فإن صوت الرصاص لم يتوقف، ووقعت انفجارات قوية في مواقع عدة بخاصة منطقة الفرقة السادسة - مشاة ومحيط المطار والأجزاء الشمالية والشرقية للمدينة نتيجة القصف الجوي والمدفعي العنيف، مشيرة إلى نجاح سلاح الجو التابع للجيش في تنفيذ عملية إسقاط لإمداد قواته في الفاشر شملت مواد غذائية ودوائية، بجانب أسلحة متنوعة بينها طائرات مسيرة، مما يعد دعماً كبيراً لقوات الجيش في ظل وطأة الحصار الذي تفرضه "الدعم السريع" على المدينة منذ مايو 2024.
في الأثناء ذكرت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر أن الجيش ممثلاً في الفرقة السادسة - مشاة مسنوداً بقوات الحركات المسلحة خاض معارك عنيفة ضد "الدعم السريع" في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، وتمكن من تحقيق تقدم نوعي واستعادة عدد من المواقع الاستراتيجية المهمة التي كانت تحت سيطرة الأخيرة. وأكدت التنسيقية، في بيان، أن هذا التقدم يأتي في إطار المعركة المتواصلة "لدحر العدوان واستعادة السيطرة الكاملة على الفاشر بإرادة لا تلين وإيمان راسخ بعدالة القضية".
وأشارت غرفة طوارئ معسكر أبو شوك للنازحين إلى مقتل ثمانية أشخاص وجرح سبعة آخرين جراء قصف مدفعي شنته "الدعم السريع" على المعسكر أمس الأحد. وبحسب مصادر ميدانية، فإن الجرحى يسقطون بصورة شبه يومية إثر احتدام الاشتباكات المتواصلة في المدينة، في وقت ينعدم وجود الأدوية الأساسية والضرورية لإنقاذ الحياة، فضلاً عن تزايد الأوضاع الإنسانية سوءاً بسبب الانعدام
شبه التام للغذاء والدواء ومياه الشرب النظيفة، وتعالت نداءات الاستغاثة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة إلى آلاف المواطنين المحاصرين في مدينة الفاشر لمنع تحول الوضع إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة وتفادي فقدان جيل كامل من الأطفال والشباب الذين يعيشون تحت الحصار لأكثر من عامين.
إلى ذلك أعلنت "شبكة أطباء السودان" أن سبعة مدنيين قتلوا وأصيب 71 آخرون في قصف مدفعي نفذته "الدعم السريع" مساء السبت بصورة متعمدة على أحياء سكنية في الفاشر، مما يعد جريمة إبادة جماعية بحق السكان تضاف إلى سجل طويل من جرائم هذه القوات ضد الإنسانية. وبينت الشبكة في بيان أن ما يجري في الفاشر يمثل إبادة جماعية مكتملة الأركان تشمل القصف والحصار والتجويع الممنهج لسكان المدينة في تحدٍّ سافر للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية، لافتة إلى أن "صمت العالم على هذه الجرائم يشجع قوات الدعم السريع على التمادي في سفك دماء الأبرياء"، وحث البيان السلطات المحلية والمجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف القصف والحصار وفتح ممرات إنسانية آمنة لإدخال الغذاء والدواء وإجلاء المصابين، مؤكداً أن أي تقاعس أو تجاهل يعد بمثابة تواطؤ مباشراً مع القتلة.
في حين أفادت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة بأن 1000 أسرة فرت من الفاشر، لافتة إلى أن فرق التقييم الميداني التابعة لمصفوفة تتبع النزوح قدرت نزوح نحو 1050 أسرة من مدينة الفاشر في الـ29 من أغسطس الماضي نتيجة تزايد حدة انعدام الأمن. وأشارت المنظمة إلى أن أحياء الوادي وأولاد الريف ومكركا تأثرت بالاشتباكات الدائرة في المدينة، مما أدى إلى نزوح معظم الأسر التي تقطنها إلى مواقع أخرى داخل محلية الفاشر.
.jpg)
وتشهد مدينة الفاشر التي تؤوي مئات آلاف النازحين من مناطق دارفور الأخرى هجمات واشتباكات متواصلة بين الطرفين للأسبوع الثالث على التوالي مع قصف مدفعي مستمر على الأحياء السكنية والأسواق، ما خلق وضعاً إنسانياً بالغ القسوة نتيجة الحصار، إذ انعدمت الإمدادات الغذائية والطبية وانقطعت طرق الإغاثة. وتعد الفاشر آخر عاصمة ولائية في إقليم دارفور لا تزال تحت سيطرة الجيش، في وقت تواجه فيه هجمات متكررة بالقصف المدفعي والجوي منذ اندلاع الحرب في الـ15 من أبريل 2023.
في المحور نفسه استنكر "محامو الطوارئ" في السودان الهجوم الجوي على أحد المستشفيات في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، والذي أسفر عن مقتل عشرات المدنيين. وقالوا في بيان إن "مستوصف يشفين تعرض لقصف بطائرة مسيرة تابعة للجيش، مما تسبب في مقتل عشرات المدنيين والكوادر الطبية داخل المرفق، وسقوط أربع نساء في محيطه، فضلاً عن صابة عدد من الأطفال كانوا يتلقون العلاج داخل المستوصف لحظة الاستهداف". وأشار البيان إلى أن قصف
المستشفيات يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب، إذ تحظر اتفاقيات جنيف استهداف المرافق الطبية أو المساس بحيادها، مؤكداً أن هذه الجريمة تضيف فصلاً جديداً إلى سلسلة الاعتداءات التي طاولت الأعيان المدنية في البلاد. ودعت مجموعة "محامو الطوارئ" الجيش إلى وقف استهداف الأعيان المدنية، ومحاسبة جميع المسؤولين عن تنفيذ هذا الهجوم، واتخاذ التدابير العاجلة لضمان حماية المستشفيات والكوادر الطبية والمرضى.
في محور كردفان أفادت مصادر عسكرية بأن نواحي مدينة بارا بولاية شمال كردفان التي تقع تحت سيطرة "الدعم السريع" شهدت معارك عنيفة بين طرفي القتال في وقت نفذ الجيش ضربات جوية عنيفة على مواقع وتمركزات "الدعم السريع" في منطقة كازقيل بالولاية نفسها أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 30 عنصراً يتبعون للأخيرة وتدمير سبع عربات قتالية بكامل أطقهمها وتسليحها. وتوقعت المصادر نفسها أن تشهد الأيام المقبلة معارك ضارية في عدد من المحاور في كردفان في إطار الخطة التي وضعها الجيش للسيطرة في الأقليم وفك الحصار عن الفاشر.
وفي الأسابيع الماضية ركزت الغارات الجوية لسلاح الجو التابع للجيش على مناطق بارا وغرب الأبيض والخوي وأبو زبد والنهود والفولة بولايتي غرب كردفان وشمالها، إذ تتمركز "الدعم السريع" منذ أشهر. وأدت هذه المعارك إلى نزوح كبير من مناطق كازقيل والحمادي نحو مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان ومدن أخرى في جنوب كردفان.
في المحور ذاته أشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة "أوتشا" إلى أن الوضع الإنساني في مدينتي كادوقلي والدلنج بولاية جنوب كردفان يتجه إلى كارثة وسط اشتداد القتال بين أطراف النزاع. وأوضح المكتب في بيان مشترك مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالسودان أن عمال الإغاثة محاصرون نتيجة اشتداد الوضع العسكري في الأبيض وكادوقلي والدلنج بولايتي شمال وجنوب كردفان، منوهاً بأن الممرات الآمنة القليلة المتوافرة باتت مهددة، مما يستدعي من جميع الأطراف التحرك لإنقاذ حياة المدنيين ومنع مزيد من المعاناة.
وتواجه مدينتا الدلنج وكادوقلي كارثة إنسانية بسبب إغلاق الطرق البرية من جانب "الدعم السريع" والحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو اللتين تسيطران على تلك الطرق منذ يونيو الماضي.

وشهدت الحرب في البلاد تحولات طوال العامين بانتقال المشهد العسكري إلى كردفان ودارفور، عقب سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة منذ مطلع هذا العام.
وكان الطيران الحربي أسقط مواد إغاثة وأموالاً نقدية ومساعدات عسكرية في مدينة كادوقلي نهاية الأسبوع الماضي لتخفيف عبء الوضع الإنساني المتفاقم، ومع ذلك لا تزال الأوضاع تشهد تدهوراً يومياً في ظل انتشار الكوليرا.
وسط هذه الأجواء عقد المجلس الرئاسي بحكومة "تأسيس" برئاسة قائد "الدعم السريع" محمد حمـدان دقلـو "حميدتي" أول اجتماع له بعد إعلان تشكيل حكومته، ناقش هيكلة الحكومة الجديدة وخطة عملها. وقبل الاجتماع الذي عقد بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور أدى محمد حسن التعايشي عضو مجلس السيادة السابق اليمين الدستورية رئيساً لمجلس الوزراء في حكومة "تأسيس".

وأعلن تحالف "تأسيس" أواخر يوليو الماضي تشكيل حكومة موازية لسلطة بورتسودان تحت اسم "حكومة السلام والوحدة" يقود مجلسها الرئاسي "حميدتي" الذي أدى القسم السبت وينوب عنه عبدالعزيز الحلو قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال.
ويضم المجلس الرئاسي 15 عضواً من بينهم حكام الأقاليم في إطار رؤية ترمي إلى إقامة نظام لا مركزي.