التواهي هذه المدينة السياحية ـ التجارية مختزنة المشاعر والسلوكيات الراقية نتاج موقعها الجغرافي والديموغرافي وتعايش ابنائها حد الاندماج الكلي مع كل الأجناس والديانات لتنحو مكتسبات وقيما اخلاقية متمازجة مع قيم الخير والتسامح ونبذ البواطل والتحايل وكل مقترفات الاضرار بالانسان والمخلوقات ككل .
هذه المدينة ـ النموذج ظلت لسنوات مضت فخراً بل ورمزاً للمواطن الصالح، وميزة تباهٍ لكل قاطنيها .. كل شيء فيها نموذج: الانسان ـ البيئة ـ السلوكيات ـ الثقافة والتربية والتعليم والمظهر الشخصي والعام وحتى شرطتها المدنية يتم اختيار أفرادها وفقاً لمواصفات غاية في الدقة، اضحت الآن «انسان ـ بيئة» بحالة يرثى لها حد الأسف المثير للغثيان وبالتحديد بعد تعرضها لهوجة ديموغرافية ـ دخيلة مؤلفة من كل من هب ودب.
هذه المدينة تعاني من الرفس الانتقامي موقعاً وانساناً فالأسعار فيها منذ 1994م تزداد ضراوة، والشعتلة حدث ولا تخبر وبعد المنظرة والابهة اصبحت بالمحفرة.
أقول لكم لا يوجد فيها حتى صاحب بقالة من أبنائها يمارس عملية البيع والشراء، ولا شرطي أو مسؤول فيها من أبنائها وكأنهم يقضون عقوبة دون الاهلية أو محكوم عليهم ان يعيشوا خارج الزمان والمكان.
الوضع البيئي بالتواهي (يا ساتر) التهجين الايجابي اضحى (معاير) وكأنه نعرة أما النموذجية فقد اختفت لتكسب عكسها.
دعوني أعطكم مفردة تشرح وتوصل (الخبارة) دون لف ولا دوران وعلى المكشوف اي دغري، انخفاض سعر صرف الريال السعودي أدى إلى انخفاض اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية عموماً في كل بقاع محافظة عدن دون ان يشمل هذا الخفض اسعار بقالات ومقاهي ومخابيز التواهي، وكأنها خارج الموقع الجغرافي .. مندوبو الصناعة والتجارة والتموين يجوبون كل أحياء عدن للتأكد من تنفيذ التوجيهات والالتزام بقرار الخفض ما عدا التواهي، ومسؤولوها يغطون في نوم عميق وكأنه لا علاقة لهم بهذه القرارات ولا صلة لهم البتة بلقمة عيش المواطن.
رجال الشرطة لزموا الصمت والتموضع في دهاليز اقسامهم، مسؤولوها غابوا عن الأنظار وكأن الأرض قد ابتلعتهم، اللجان المجتمعية وضعت نظارة سوداء داكنة على أعين عتاولتها، والأسعار تلتهب في التواهي، والبيئة يا شماتاه بينما مندوبو الأتاوات يحفون في كل موقع وشبر ويا قريط. الشيء الوحيد النشط فيها هو هؤلاء الاتاواتيون الشفاطون جرياً وراء النسب.. نسب جلب الاتاوات وهات يا قرط وهات يا سلخ للمواطن.