
الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
ساد التوتر محور القتال في إقليم كردفان في وقت سيطر فيه الهدوء الحذر على جبهتي دارفور والمثلث الحدودي الرابط بين السودان وليبيا ومصر.
وبحسب مصادر عسكرية سددت مسيرات الجيش السوداني ضربات جوية محكمة ودقيقة استهدفت مواقع محورية تابعة لقوات "الدعم السريع" داخل مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان، شملت مبنى أمانة الحكومة وموقع إدارة شرطة الأسرة والطفل ومحيط سجن المدينة، مما أدى إلى تدمير عشرات المركبات القتالية والعربات اللوجيستية، إضافة إلى تحييد عدد كبير من العناصر المسلحة التي كانت تتخذ من تلك المواقع منطلقاً للتحركات داخل أحياء المدينة وضواحيها.
وأشارت المصادر إلى أن هذه الضربات أحدثت انفجارات عنيفة، حيث شوهدت ألسنة الدخان تتصاعد في سماء المدينة، تلاها انتشار كثيف لعناصر مسلحة في بعض الشوارع، مما يشير إلى حجم الخسائر التي لحقت بتلك القوات، لافتة إلى أن هذه الغارات تأتي ضمن سلسلة عمليات نوعية شهدتها مناطق عدة في ولاية غرب كردفان خلال الفترة الأخيرة للقضاء على الوجود المسلح غير النظامي في المدن والمراكز الإدارية واستعادة الأمن في الإقليم وتطهيره من مصادر التهديد.
فيما أفاد شهود بأن قوات "الدعم السريع" تقوم بحشد تعزيزات عسكرية باتجاه مدينة بابنوسة في ولاية غرب كردفان التي يسيطر عليها الجيش، مما يشير إلى احتمال وقوع مواجهات بين القوتين.
وسبق أن شنت "الدعم السريع" خلال اليومين الماضيين قصفاً مدفعياً على مقر الفرقة 22 مشاة التابعة للجيش السوداني في المدينة، في محاولة لتحقيق تقدم ميداني بعد محاولات سابقة عدة لم تكلل بالنجاح خلال العام الماضي، إذ تشير المصادر العسكرية بأن الفرقة 22 مشاة بمدينة بابنوسة تتمركز في منطقة ذات طبيعة جغرافية معقدة، مما يجعل فرض حصار شامل عليها أمراً صعباً، حيث تحيط بها مرافق توفر الحماية الأولية لقوات الجيش السوداني.
في الأثناء تشهد القرى المحيطة بمدينة الدبيبات بولاية جنوب كردفان موجة نزوح كبيرة هذه الأيام بسبب تصاعد أعمال النهب والانتهاكات ضد النساء التي تقوم بها عناصر "الدعم السريع" التي سيطرت أخيراً على هذه المنطقة.
وأشار شهود إلى أن معظم النازحين اتجهوا شمالاً نحو مناطق تعد الأكثر أماناً نسبياً، بينما توجه آخرون غرباً نحو مدينة أبو زبد الواقعة بالولاية نفسها.
من جانبه أكد المتحدث الرسمي باسم القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة العقيد أحمد حسين مصطفى أن "ما يجري من تحركات عند المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر لا يعدو أن يكون مجرد ‘فرفرة مذبوح‘ من ميليشيات ‘الدعم السريع‘ وحلفائها من مرتزقة الجنرال الليبي خليفة حفتر"، مبيناً أن الهدف منها هو خلق وهم نصر معنوي بعد سلسلة هزائم تعرضوا لها في كل الجبهات، خصوصاً في محاور كردفان.
وأشار مصطفى في تصريحات صحافية إلى أن ما يردده إعلام "الدعم السريع" في شأن اعتماد الجيش على المثلث الحدودي كمصدر إمداد بالوقود غير صحيح، مؤكداً أن القوات المسلحة السودانية تملك خطوط إمداد بديلة ومحكمة لا علاقة لها بهذا الممر الصحراوي المتوتر.
وبين أن التجارة عبر مدينة الكفرة الليبية متوقفة منذ أكثر من عام ونصف العام، وأن الطرق من هذا الاتجاه مغلقة تماماً، بل حتى قوافل الإغاثة تنهب ولم تدخل أي شحنة إمداد أو مساعدات عبر تلك المنطقة، موضحاً أن "الوجود العسكري في المثلث لم يكن مكثفاً من البداية، بل اقتصر على بوابة صغيرة وقوة خفيفة، ولن تتمكن الميليشيات من البقاء فيه طويلاً".
وأفاد بأن المثلث الحدودي سيكون خالياً تماماً من الميليشيات خلال أيام، سواء كانوا من "الدعم السريع" أو حلفائهم الليبيين، وبأن "كل ما يقال عن استنزاف الجيش في هذه المنطقة مجرد حملة تضليل إعلامي تحاول تغطية انهيار الميليشيات وفشلها الذريع في الاستنفار بمحاور أخرى مثل نيالا (عاصمة ولاية جنوب دارفور) والضعين (عاصمة ولاية شرق دارفور)".
ولفت المتحدث الرسمي باسم القوات المشتركة إلى أن الأوضاع في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، هادئة وتحت السيطرة الكاملة من قبل القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة، منوهاً بأن القوات المتمردة تنفذ عمليات قصف عشوائي على الأحياء السكنية ومعسكرات النازحين من خارج المدينة، من دون أي وجود فعلي لها داخلها.
سياسياً أعلن رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس البدء في الانتقال التدريجي للوزارات والمؤسسات الحكومية إلى العاصمة الخرطوم. وكان أن انتقلت مؤسسات الدولة مع اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023 إلى بورتسودان (شرق البلاد) بصورة موقتة.
ووجه القرار، بحسب الموقع الرسمي لمجلس الوزراء، أن تجرى العملية وفق جدول زمني مدروس يراعي الجوانب الإدارية والفنية والبشرية ويضمن استمرارية تقديم الخدمات دون انقطاع، إلى جانب دعم خطط إعادة تأهيل البنية التحتية للعاصمة.