لقد أخذن على أنفسهن أن يكنّ هن الطليعة، رافعات أصواتهن من حناجرهن الرقيقة لا للجوع لا لانقطاع الكهرباء والماء ولا لوقف التعليم، ثلاث لاءات حملتها الحرائر في ساحة العروض، مطالب خدمية حقوقية لكل مواطن، خرجت حرائر عدن حاملات الشوادر الى ساحة العروض في أكبر تظاهرة احتجاجية شهدتها عدن ضدا على سوء الاوضاع الخدمية في عدن وما آلت اليه الاوضاع من سوء وتدنٍّ في المعيشة، فيجب علينا أولا أن نكون معهن ونقول ذلك اكبارا لهن، واعترافا منا لهن بحقهن بأن صوتهن كان أكبر وأقوى منا، فقد أسمعن الداني والقاصي وكل من به صمم ووصل صراخهن الى أصقاع الارض وعنان السماء، إنهن حرائر عدن ومن ذا لا يعرف حرائر عدن الماجدات فانه يجهل التاريخ، حرائر عدن لا يخرجن عبثا ولا يدققن الارض دقا الا وتتطاير من تحتها الشرر، فاذهبوا قبل أن تدق عليكم نواقيس الخطر .
مظاهرات نساء عدن الكبرى هي رسالة الى كل مسؤول متخاذل، هي إعلان حالة حرب أن النساء إذا خرجن فلا حجة لكم اليوم، بعد أن انقشع الغطاء عنكم وانكشف المستور فلا عذر لكم اليوم، الى كل من شاهد ورأى بنات ونساء عدن يخرجن رافضات الظلم والاستبداد رافضات الجوع والمهانة، رافضات الذلة رافضات أن نكون عبيدا ونحن أسياد الأرض، استقيلوا فلم يبق من ماء وجوهكم إلا قطرة هل حافظتم عليها، أقيلوا أنفسكم قبل أن يقيلكم الشعب، انها اللحظة الفارقة فاستغلوها ولا تستهينوا بخروج الحرائر، وللتاريخ عبرة لكم فاستذكروا تاريخ النسوة في عدن إنهن الماجدات اللاتي وقفن في وجه الاستعمار الانجليزي في عدن وهو في عز قوته وجبروته، خرجن وقلن له لا للاحتلال لا للظلم والطغيان، عدن حرة، إنهن حرائر عدن أيها الغافل هل تذكرت التاريخ، وما يحدث اليوم في عدن ماهو الا امتداد لمسيرة طويلة من التضحيات والنضال، عدن لم تعد تقبلكم ولن ترضى بكم، لقد خالفتم العهد ورضيتم أن تكونوا مسؤولين دون قرار، دون فعل، فلا استطعتم غير إظلام عدن ولا استطعتم أن تطعموا جائعا، ولا استطعتم أن تعيدوا للتعليم مكانته بعد أن توقف، اذهبوا فقد أعذر من أنذر .
والمرأة العدنية هي جزء لا يتجزأ وشريك أساسي في الثورة وبناء الوطن، ولايزال الكثير من المناضلات النسويات ممن شاركن ضد الاستعمار الانجليزي أسماؤهن محفورة في ذاكرتنا نذكر بعضا منهن مثل نجوى مكاوى ورضية إحسان وفتحية باسنيد وزهرة هبة الله وصافيناز خليفة وعايدة يافعي وعيشة كرامة وكثير ممن لم ينسهن التاريخ ورحلن صامتات والبعض ابتعدن عن الاعلام وآثرن السكينة والانكفاء وكما قال كاتبنا الكبير سعيد عولقي: من ينسى اذا كان النسيان نفسه لاينسى، وقال في احدى منشوراته، لو عاشت عايدة علي سعيد المعروفة باختصار عايدة يافعي لكانت مثل عمري، ولذكرتها يوم أوصلتها بسيارتي الفولكس فاجن مع ثلاث من رفيقاتها المناضلات، اللواتي تمنطقن بمسدسات دوارة Revolver من عند مصنع الصابون في كالتكس لتجتاز نقطة تفتيش في خيمة تفتيش بريطانية، باستخدام بطاقة هويتي العسكرية، ما كنت أحسب أن تلك الفاتنة اليافعية ستكون نائبة وزارتي وأميرة اتحاد نساء اليمن .
ومن المواقف التي سيظل يذكرها التاريخ أن المناضلة نجوى مكاوي أول امرأة في عدن امتطت وركبت فوق دبابة العسكر الانجليز وساقتها، بعد فرارهم منها عند سقوط مدينة عدن (كريتر) بيد الثوار، وقد اطلق اسمها على وحدة سكنية في المنصورة باقتراح من رفيقها بالنضال احمد قعطبي حين كان وزيراً للإسكان.
«دقين القاع دقينه ياحرائر عدن» هنيئا لكن وقفتكن في الساحة يوم أعلنتن بأصواتكن أن عدن لن تقبل الظلم والمذلة والمهانة، هنيئا لكن ياحرائر عدن .