دعاني عزيز من مجايلي صديق طفولة ودراسة ومشوار في المحيط الفني والثقافي لمشاركته حضور بهجة خطوبة نجله الرابع على التوالي، مضيفاً بكل تباهٍ ان نجله قرر الاقتران بابنة عمه ـ أي ابنة شقيق صديقي هذا وان الاختيار جاء متوافقاً مع الظرف الحياتي الآني والاجتماعي معاً يقصد دقيقنا في زيتنا، مؤكداً لي أن شقيقه والد العروسة عمل جاهداً على انزال سقف المهر إلى أدنى مستوى يقبله العقل والمنطق تماشياً مع أحوال المجتمع وحباً بالستر. ظننت وأنا استمع إلى صديقي هذا ان الدنيا مازالت بخير وأن مسألة المجابرة حتمية بالنسبة لي طالما وان خيط التواصل والتآزر الاجتماعي مازال سميكاً وصلب التماسك وعند الأخذ والرد رشقني بضربة فأس بالرأس عندما همس في أذني قائلاً: (ثلاثون ألف ريال) فقط هي مبلغ المهر مع قليل من الذهب رمزية عبارة عن ستة شوالية وأربعة خواتم وزوج وزق اذن وسلس وحزام فقط. عندها استفسرت منه مستوضحاً ثلاثون ألف ريال يمني انفجر ضاحكاً بكل سخرية ليش تحسب ابنة أخي ربع رطل لحم ضان مالك تتهابل؟ فرددت عليه موضحاً قلت ثلاثون ألف ريال ولم توضح ماهية الريال المقصود.
قال يا أهبل ثلاثون ألف ريال سعودي ريال ينطح ريال وهو مبلغ ضئيل قياساً بما دفع كمهر لقريناتنا العرائس وايش قالوا لك ابنه أخي (...) مالك مكانك تتهابل اسمع هيا انت ممنوع من حضور الخطوبة والوليمة وما با تطعمش حتى وصلة لحم لان لقفك سليط ولسانك مدندل لمن صدرك .. قلت لك من زمان لقفك مكانه يضرّب بك. حينها سحبت نفسي بهدوء وأنا اتساءل وأدعو ربي ان لا يطلب مني ابني شروعه بالزواج إلا بعد ان يكون الله قد أخذ روحي لتلتحق بزملاء العالم الآخر وازداد خوفي أكثر لو ان ابني فعلها واختار واحدة من غير الأهل أو من الطماعين .. ترى من اين لي أن أوفر ثلاثين ألفاً أو أربعين الف ريال سعودي فضلاً عن عشرات اضعافها من التباتيك المكملة لوليمة الزواج.
أقول لكم يا جماعة الخير كلما ارتفع سعر صرف الريال السعودي، ارتفع سعر العلاقات الاجتماعية أيضاً حتى الزواج يقاس بالريال السعودي وفواتير العلاجات من الأدوية بالريال السعودي ونفقات الأطفال والزوجات يسميها قضاء المحاكم بالريال السعودي، يانفسي برطعي ولا تعودي، ولبن الأطفال بالريال السعودي وقيمة الكفن والقبر بالريال السعودي، طيب فمتى تعطونا الجنسية السعودية وكفى المؤمنين شر القتال.